مهمة الاعلام في المجتمع المدني الديمقراطي هي التواصل الحي مع الجمهور كرقيب ناقد لكل من القوي السياسية والقوى الاقتصادية والسلطات التنفيذية في ممارسة أدوارها ضمن مسيرة البناء الديمقراطي.
ويضمن القانون الدولي حرية التعبير عن الرأي من خلال مستندات عديدة لحقوق الإنسان، تشمل التعبير الثقافي والفنون بقدر ما تشمل تبادل المعلومات والأفكار والمناقشة السياسية.
حرية التعبير، هذه الحرية التي تعتبر الحجر الأساس للحريات الديمقراطية، ويعد دور وسائل الإعلام أساسياً لممارسة حرية التعبير، ولأن الديمقراطية تعد أكثر من مجرّد مجموعة مؤسسات، بل هي أيضاً ثقافة بحدّ ذاتها، فبدون وسائل الإعلام، يستحيل على ثقافة الديمقراطية أن تنمو وعلى المجتمع أن يطور العادات والممارسات المكتسبة وتبادل الآراء والأفكار والمعلومات.
وفي العالم العصري، تعتمد الديمقراطية على وسائل الإعلام السليمة والمتعددة والمتنوعة والمستقلة التي يمكنها أن توفر منصة للنقاش الديمقراطي، وتلعب وسائل الإعلام دوراً حاسماً؛ لأنها توفر الفضاء الاجتماعي الذي يُمارس من خلاله حق التعبير بشكل فعّال، والديمقراطية ثقافة - طريقة تصرّف وعادات وقواعد صغيرة، يقول "ألكسندر دي توكفيل" في كتابه الديمقراطية في أميركا: إن قوة أميركا لا تكمن فقط في مؤسساتها - الفيدرالية وفصل السلطات والقضاة المستقلين، بل أيضاً في خبرة الشعب وممارسته للديمقراطية بشكل محلّي ويومي.
يعبّر الصحفيون عن آرائهم بالإضافة الى آراء الجماعات الذين يعملون لحسابها. على سبيل المثال، يؤدي الصحافي المحقق وظيفة ديمقراطية قيّمة فيما يستكشف المسائل ذات المصلحة العامة، والتي تتراوح من تحقيقات الفساد من خلال المسائل الصحية إلى كشف الجرائم. ولا تبقى وسائل الإعلام خارج الحدث الذي تقوم بتغطيته مهما كانت وجهات نظرها؛ فيمكنها، كممثل اجتماعي، أن تحدد طريقة تطوّر المجتمع.
دور الصحفيين
إن هناك صحفاً فى دول صغيرة لكنها قوية ومتطورة، كما أن هناك صحافة سوداء في بعض الدول لا ترى أية بارقة امل لكنها تصدر نوعاً معيناً من الرأي ولا تهتم بالتحليل المنطقي ولا تهتم بالخبر مثلما تهتم بأراء أصحابها، وهناك نوع أخرمن الصحافة الصفراء التى تهتم فقط بالاثارة تخاطب نوعا معينا من القراء، ولاتهتم بمسألة الارتقاء المهني. وقد أدى ذلك النوع من الصحافة إلى تراجع مستوى الصحافة في بعض البلدان.
وفي بعض البلاد أصبحت الصحافة الحزبية تشبه الصحافة القومية، بمعنى أنها منحازة إلى آراء أحزابها، فلا تستطيع أن توجه رأياً معارضاً للحزب فى جريدته.
قد يتناول الصحفيون قضايا مثيرة وحساسة من خلال كشف الغطاء عن الأخطاء التى ترتكب بقصد أو بدون قصد من قبل بعض الصحفيين من خلال نقل أخبار من شأنها أن تزيد من التوتر أو تقلل من أهمية طرف دون الآخر أو قد يعمل البعض على انتشار أو الترويج للأفكار المبتورة أو الكاذبة التى يريد بعض العابثين أن يروجو لها أو ينشروها عبر صحفهم التى يثق فيها البعض..
كما أن ثقافة الاستسهال ما بين جموع الصحفيين الذين لا يبذلون جهداً في الحصول على المعلومات من مصادرها رغبة في الاستسهال تعتبر مشكلة كبيرة تؤثر على العمل الصحفي وتؤثر على جودة نقل الخبر بشكل موضوعي. فالصحفي مثلة مثل أي حرفي يجب أن يتقن مهنته ويستخدم أدواته بشكل جيد، ويجب أن يعرف الصحفي أن الصحافة بشكل عام هي معلومات من الدرجة الأولى يقوم على أساسها بكتابة مقال أو تحليل او خبر.
وهناك أيضاً ثقافة الاستهانة بالعواقب التى أدت أو تؤدي أحيانا إلى كوارث حقيقية، من خلال إثارة بعض القضايا التي تضر بأمن البلاد واستقراره.
أدوار إيجابية
هناك أدوار إيجابية للصحافة في خدمة المجتمعات، ويمكن ضرب مثل لذلك بالحملات التي تقوم بها الصحافة وتشمل حملات التوعية التي تهدف إلى تغيير سلوك المواطنين تجاه ظاهرة محددة، وتوضيح السوك المثالي الذي يجب اتباعه، وهناك أيضاً حملات التعبئة والتغيير وهي الحملات التي تقوم بها الصحف لتعبئة المواطنين خلف قضية محددة وكسب مزيد من الأنصار حولها. وأشهر الحملات في هذا المجال حملات الرقابة وهي من الوظائف الأساسية التي ينبغي أن تقوم بها الصحافة والتي تهدف إلى كشف سلبيات ومخالفات كبار المسؤولين أو الأجهزة أو الشخصيات العامة وأبرزها الحملات المضادة للفساد.
خطوات هامة
من الخطوات المهمة التي يجب اتباعها لضمان نجاح الحملات قبل البدء فيها وتحديد عناصر القوة والضعف. وتشمل تلك الخطوات: جمع المعلومات، ثم تحديد فنون الصحافة المستخدمة، واختيار التوقيت المناسب للقيام بالحملة، التأكد من صحة الوثائق المستخدمة، أسلوب الكتابة، وتطوير الحملة، وربط الحملة بمصالح الناس.
الحياد في العمل الاعلامي
لابد من استقلالية ملكية الإعلام، وحق الجميع في تأسيس المؤسسات الإعلامية، دون ضغط، وكذلك ضمان حرية العاملين من محررين وكتاب في التعبير عن آرائهم بكامل الحرية دون تدخل المالكين، وهذا يعني استقلالية هيئة التحرير عن الإدارة.
كما لابد من تأمين الحرية المهنية الفردية: التزام العاملين في المؤسسات الإعلامية بالمهنية التي تلزمهم بالنزاهة والصدق والانتماء للخبر الصادق والكلمة الحرة النزيهة المحايدة بأمانة، ولا يمكن إغفال أهمية وجود ضمانات تشريعية لحرية الصحافة وحقوق الصحفيين، وتأمين الحصانة للصحفي وعدم مطاردته عن التعبير الحر الملتزم عن رأيه.
ويرى البعض أن هناك نوعين من الحياد:
نوع إيجابي: وهو الذي لا يتحيز لأي طرف ضد الآخر، ويتسم بالاستقلالية.
والنوع الآخر هو الحياد السلبي: الذي ينجم عن الضعف وقلة الحيلة، ولا يريد أصحابه منه سوى تجنيب أنفسهم المشكلات.
وهناك من يرى أن الحياد خرافة ولا يمكن لأية مطبوعة أو قناة تلفزيونية أن تكون حيادية مائة فى المائة؛ لأن تلك الصحف مملوكة إما للفرد أو للمؤسسة أو للحكومة فهى غالبا ما تتحيز لمصالح مالكيها.
وهناك دول تتمتع بالحرية الكبيرة لكن إعلامها قد يفرض عليه بعض القيود بالرغم من تمتعها بقدرات تقنية كبيرة.
وسائل الاعلام فى كثير من البلدان تعاني من غياب الحياد بمعناه الإيجابي، فهي لا تتحيز للمصلحة الوطنية العليا، بل تتحيز لوجهة نظر السلطة والمتحالفين معها والمتحلقين حولها أو المنتفعين منها. وغياب هذا اللون من الحياد الإعلام يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسة هي: الوصاية التي تفرضها السلطة التنفيذية على الاعلام، ومشكلة إتاحة المعلومات، والأخيرة مشكلة الحصول عليها.
مشكلات تواجه العمل الإعلامي
المشكلات التى تواجه الصحافة خصوصا في البلاد النامية تتمثل في نقص التمويل، والاعتماد على الإعلان كمصدر للدخل، والمركزية في اتخاذ القرارات، وعدم انتظام الصدور.
فضلا عن نقص رواتب الصحفيين وصعوبة التعيين نظراً لرغبة تلك الصحف فى تفادي تحمل تكلفة تعيينات الصحفيين، والافتقار للإطار القانوني الذي ينظم العمل الإعلامي، وعدم تفرغ الصحفيين بتلك الصحف.
ومن المشكلات أيضا: سطحية الموضوعات التي يتناولها الصحفيون في الصحف الإقليمية وعدم قدرتهم على تناول الموضوعات ذات الحساسية ذات الصبغة القومية والعالمية، بينما تعطى الاولوية للموضوعات ذات الصبغة الإعلانية التي تدر ربحا للجريدة.. كما أشار الصحفيون إلى طبيعة العلاقة بينهم وبين المصدر كعائق أساسي لعملهم نظراً لتعمد بعض المصادر إخفاء البيانات والمعلومات بغرض التضليل أو خوفا من تسليط الضوء على أعمالهم.