فرح ابتداءً لخدمة الواتس وتفاعلاتها ومحاسنها البهيجة، وانغمس مع المنغمسين في تأسيس المجموعات المختلفة والمتنوعة فكرا وعملا وترتيبا وإجراء وتنسيقا، وتواصلا وتوادا .
حتى زادت وتضخمت وتناسلت بشكل لافت!
ولما أطل الواتس هاج توقدي وأسستُ عشرا فوق عشر على عشرِ
• وتعجب حقيقةً من تواصل البعض وانهماكه فيها بشكل عجيب يجعله غريق تلك الرسائل، نشرا وردا وتعقيبا، وثرثرة ومزاحا وطرافة!
وفي الحديث عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ، وَإِنَّ أَبْعَد الناسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ القاسي ) (الترمذي)
• ولكنها مع الزيادة افتقدت للإبداع النخبوي، وآثرت الدفق الوعظي والحشد الإخباري!
• ولكن تكاثر المجموعات وتناسلها في سياق متدفق وغير مبال بالحكمة والدقة وحسن التنظيم، جعل كثيرين يملونها، ويشتهون من يكفيهم أمرها.
• وزاد من المَلالة والضيقة اشتعال الرسائل الجماعية حتى كتب بعضهم: اعفوني من الرسائل الجماعية، وآخر سأحظرك إذا تتابعت رسائلكم ، وثالث: ارحموني منها!
• ولسهولته سلبَ اللباب، وشغل الأفهام، وطمس البصائر، فيقلّب على كل حال، وفي الاجتماعات، وتسبب في عشرات الحوادث بل أزيد وأضخم.
• سيحذفه لأنه تسبب في ذلك كله، وصعبت السيطرة عليه، وشغل عن جلائل الأمور، ومهمات الأعمال.
• فحرم العقلاء من عقولهم، والجادين من جدهم، والقراء من قراءاتهم، والعاملين من أعمالهم، والموظفين من أماناتهم، والآباء من عاطفتهم.
• وهل النخبة العلمية والمثقفة والإدارية لديها من الوقت ما تنجز أعمالها في ظل التدفق الواتسي،،! إلا إذا استثنينا المجموعات الإجرائية المعتادة للإنجاز وداخلة ضمن المهام اليومية .
• ثمة نخب آثرت البعد والكفاف الواتسي، لعلمها بضخامة الأوقات والثروات المهدرة من جراء المطالعة اللحظية أو اليومية.
• وآخرون شاركوا باعتدال ولم تنضبط معهم وتناثرت عليهم "القروبات" من كل حدب وصوب، وكل "قروب" ينتظر ودهم وردهم وتعليقهم وإفاداتهم،،! وتأخرك يوحي عندهم بالسخط أو عدم الارتياح أو قلة المبالاة، وهي موجعة عند آخرين.
• والحقيقة أن لصيق العمل أو الكتب أو القرّاء النهِم قد لا يصلح للواتس إلا في مناطق ضيقة، وفي انضباطه صعوبة لا تستطاع، والله المستعان.
• لا يزال الواتس يشغلنا ويذهب عقولنا ويضيع علينا مصالح جمة، وفي غاية الأهمية .
• نعم غنم منه أناس غنائم ونفائس ولكن لها تبعات، جرّت وأغرت واستولت!
• وتشعر أن فيه آفة الحاسوبات من المطالعة بغير نية وحسبان، ومن ثم قراءة بلا ترسيخ ومطالعة بلا تثبيت، وإدامة بلا حيازة مكنوزة، ولا ذخائر معسولة.
• ومع تكاثرها وتناسلها لا يدري المرء ماذا قرأ وفيما قرأ، وموضعها وصفتها وممليها وناسخها، وتجددت معاني الاختلاط وسوء الحفظ القديمة عند المحدثين، بما يشبه ذبول البركة وخفاء الثمرات المنتظرة برغم التكاثر المعلوماتي.
• والجُدد على الواتس يستعيدون لك واتسات السنة الأولى، ولا ريب أنك ستتذكر، وتستعيد ذكريات مستظرفة!
• نحن بحاجة لضبط الأمور، وحتى سيلان الفوائد بمثل هذه الطريق والإرسال على كل حال، وملصقات الليل نهارا والعكس، مما يزهد في خدمة تنقلب أتعابا وإزعاجا وأغلالا.
• علاوة على متاعب صحية ونفسية وأخلاقية، حينما يطول الإطراق وقت جلوس الضيوف والأحبة والاجتماعات الرئيسة.
• ومع كل ذلك الانسياب والسيلان المعلوماتي، رقي الحوار، وموضوعية النقاش، والصفاء الأدبي لا زالت تحتاج إلى مزيد من النضوج والتبصير، وما برحت ألسنة بعضنا تراوح مكانها ولم تتهذب علما أو تنل اللياقة الاخلاقية المنظورة(ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين) سورة البلد .
• والخلاصة: أن الوعي العلمي والفكري والزمني يحول دون الانهماك الواتسي بهذا الشكل المهول، والله المستعان.