أخبر الله عز وجل عن أثر القرآن الكريم في نفوس عباده المؤمنين، وتأتي هذه المقالة لتسلِّط ضوءاً على أهم الوسائل التي يحقِّق بها المؤمن التأثّر بآيات الله البينات، كما تعرِّف بالعوائق التي تحول دون هذا التأثّر، وتكشف طرفاً من الثمرات التي يحصّلها مَنْ تأثّر بالقرآن الكريم.
إنّ إعجاز القرآن الكريم لم يتوقف عند روعة الألفاظ وجمال المعاني، بل هناك وجه آخر من أوجه الإعجاز ربما يغفل عنه كثيرٌ من الناس، ألَا وهو الإعجاز التأثيري للقرآن، والمقصود به ذلك الأثر الظاهر أو الباطن الذي يتركه القرآن على قارئه أو سامعه؛ فتارة تذرف العيون، وتارة توجل القلوب، وتارة تقشعر الأبدان، وغير ذلك من الآثار العملية التي لا يُحدثها في النفس إلّا القرآن، فقد قال الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} (الزمر:23).
يقول الإمام الخطابي -وهو مِن أبرز مَن كتَب في إعجاز القرآن-: "في إعجاز القرآن وجه آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلّا الشاذّ من آحادهم، وذلك صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاماً غير القرآن -منظوماً ولا منثوراً- إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذّة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى ما يخلص منه إليه، تستبشر به النفوس وتنشرح له الصدور، حتى إذا أخذَت حظّها منه عادت مرتاعة قد عراها الوجيب والقلَق، وتغشّاها الخوف والفرَق، تقشعر منه الجلود وتنزعج له القلوب، يحول بين النفس وبين مضمراتها وعقائدها الراسخة فيها".
ولقد لفَت اللهُ سبحانه الأنظارَ إلى هذه القوة التأثيرية للقرآن، فقال سبحانه: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} (الحشر:21). يقول ابن كثير: "يقول تعالى معظمًا لأمر القرآن، ومبيّناً علوّ قدره، وأنه ينبغي أن تخشع له القلوب، وتتصدع عند سماعه لما فيه من الوعد والوعيد الأكيد: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله} أي: فإنْ كان الجبل في غلظته وقساوته، لو فهم هذا القرآن فتدبر ما فيه، لخشع وتصدّع من خوف الله عز وجل، فكيف يليق بكم أيها البشر ألّا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه؟!
ولقد عاب الله على مَن لا يتأثر بالذِّكر وأعظم الذِّكر القرآن، فقال تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} (الزمر:22) وذكر سبحانه أن ذلك من أوصاف المشركين والمنافقين، فقال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا} (التوبة:124) وقال تعالى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم} (محمد:16).
صور من التأثر بالقرآن
ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في التأثّر بالقرآن، فكان إذا سمعه رَقّ قلبه وذرفت عينه؛ لعلمِه بعظمة القرآن، فعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (اقْرَأْ علَيَّ القُرآنَ) قلتُ: يا رسول الله! أقرأُ عليك، وعليك أُنزِل؟! قال: (إِني أُحِبُّ أن أسمعه من غيري) فقرأتُ عليه سورة النساء، حتى جئتُ إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} (النساء:41) قال: (حسبك الآن) فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان" متفق عليه.
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم أيضاً يتأثرون عند سماع القرآن تأثراً عظيماً، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى المرض وملازمة الفراش عندما استمع إلى بعض الآيات التي تتحدث عن يوم القيامة، فعن جعفر بن زيد أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يعسّ بالمدينة ليلة ومعه غلام له وعبد الرحمن بن عوف، فمرّ بدار رجل من المسلمين، فوافقه وهو قائم يصلي، فوقف يسمع لقراءته، فقرأ: {والطور} (الطور:1) حتى بلغ: {إن عذاب ربك لواقع * ما له من دافع} (الطور:7-8) فقال عمر: قسَم ورب الكعبة حقّ، فاستند إلى حائط فمكث مليًّا، فقال له عبد الرحمن: امضِ لحاجتك، فقال: ما أنا بفاعل الليلة إذ سمعتُ ما سمعتُ، قال: فرجع إلى منزله فمرض شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه.
لماذا لا نتأثر بالقرآن؟
بعد الذي تقدم يتلجلج هذا السؤال في خلد كثيرٍ منا، لماذا لا نتأثر بالقرآن؟ وما العوائق التي تحجبنا عن التأثر بالقرآن كما تأثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ ويمكن أن نُجمِل بعض الأسباب التي تحُول بيننا وبين التأثر بالقرآن، فيما يأتي:
أولاً: طول الهجر للقرآن
فإن طول الهجر للقرآن يولّد فجوة كبيرة تحُول بين القلب والتأثر به، ويعدُّ من أعظم الذنوب التي يرتكبها المسلم؛ لذلك يأتي النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويشتكي لربه هذا الهجران، فقد قال تعالى: {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} (الفرقان:30).
ثانياً: مرض القلب وقسوته
فالقلب هو المخاطَب الأول بالقرآن، ولن ينتفع بآيات القرآن ومواعظه وعِبَرِه إلّا القلب السليم، أمّا القلوب التي أمرضتها الذنوب واستولت عليها الشهوات المحرّمة فلن تتأثر بالقرآن، فقد قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} (ق:37).
ثالثاً: الغفلة والانشغال بالمُلهيات
فالإنسان الذي استولت عليه الدنيا وزخارفها لم ولن يشعر بأثر القرآن، ولن يتذوق حلاوته، بل سيتقلّب حاله بين الغفلة والإعراض: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون} (الأنبياء:2).
رابعاً: عدم الاهتمام بالتفسير
فعدم الاهتمام بمعرفة معاني القرآن وتفسيره يحجب القلب عن الـتأثر به، فكيف يتأثّر القلب بما لا يفهمه؛ لذلك فقد قال الإمام الطبري صاحب التفسير: "إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذُّ بقراءته؟!".
كيف نتأثر بالقرآن الكريم؟
بعد أن عرفنا السباب التي تحول بيننا وبين التأثر بالقرآن الكريم، نعطف بذكر الوسائل التي تُعِين على التأثر بالقرآن:
أولاُ: تجديد العهد بالقرآن الكريم
إنّ تجديد العهد بالقرآن والعودة إليه والمداومة على قراءته هي أولى الوسائل وأعظمها أثراً؛ لذلك على العبد أن يجاهد نفسه على ذلك وأن يصبر على مشقة ذلك؛ لأن هذه المشقة -إن وُجدت- هي نتيجة بُعد العهد بكتاب الله، لذلك عليه أن يستمر ولا ييأس، وليكن على يقين أنّ مَن داوَم على قرع الباب يوشك أن يُفتَح له، وأنَّ دوامَ نزول قطر الماء على الحجر يُحدِث فيه أثرًا لا محالة، فما بالك بأثر كلام الله على القلوب إذا داوم العبد عليه؟
ثانياً: حضور القلب عند قراءة القرآن
ينبغي للمسلم أن يجتهد في استحضار قلبه عند التعامل مع القرآن وإفراغه من الصوارف التي تحجبه عن التأثر بالقرآن، فقد قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} (ق:37). ومما يساعد على ذلك استشعار أن الله سبحانه هو المتحدِّث بهذا القرآن، يقول ابن القيم: "إذا أردتَ الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعَكَ، واحضر حضور مَن يخاطبه به مَن تكلَّم به سبحانه منه إليه؛ فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله".
ثالثاً: الجهر بتلاوة القرآن
فالجهر بتلاوة القرآن يساعد على يقظة القلب، ومِن ثمَّ التأثر بالقرآن، بخلاف ما لو قرأ المسلم سرًّا، فإنه يكون أقرب لشرود الذهن وانصراف القلب؛ ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يجهر بالقرآن، فعندما سُئل ابن عباس رضى الله عنهما عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل قال: (كان يقرأ في حجرته، فيَسمع قراءتَه مَن كان خارجاً) رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
رابعاً: استشعار المسلم بأنه مخاطَب بكل آية
فمِن أعظم أسباب التأثر بالقرآن أن يستشعر المسلم بأنه هو المقصود بهذا الخطاب، وأن كلّ أمرٍ أو نهي هو مأمور به، فلقد فطن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر جيداً، ومن ذلك ما ورَدَ عن أنس بن مالك، أنه قال: "لمَّا نزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} (الحجرات:2) جلس ثابت بن قيس في بيته، وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم سعدَ بن معاذ، فقال: (يا أبا عمرو! ما شأن ثابت؟ أشتكَى؟) قال سعد: إنه لَجاري، وما علمتُ له بشكوى، قال: فأتاه سعد، فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ثابت: أُنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني مِن أرفعكم صوتاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعدٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل هو من أهل الجنة) رواه مسلم.
خامساً: الحرص على تدبر آياته ومعرفة معانيه
فتدبُّر آيات القرآن ومعرفة ما غمض من معانيه بالرجوع إلى كتب التفسير؛ من أعظم أسباب التأثر به والشعور بحلاوته في القلوب؛ لأن ذلك هو الأصل الذي أنزل الله القرآن لأجله، فقد قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} (ص:29) ولقد كانت هذه طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "كان الرجل منّا إذا تعلم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن" رواه الطبري بسند صحيح.
سادساً: استخراج المواعظ والعِبر من قصص القرآن وأمثاله
فالقرآن يحوي الكثير من القصص والأمثال، والعاقل مَن تدبَّرها وتأمَّلها واستخرج ما فيها من العبر وتأثَّر بما فيها من المواعظ؛ لأن هذا هو الهدف الذي من أجله ذَكَر اللهُ هذه القصص والأمثال، فقد قال تعالى: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} (يوسف:111) كما قال تعالى: {ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون} (إبراهيم:25) وقال أيضاً: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} (العنكبوت:43). وقال أيضاً: {وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} (الحشر:21). يقول ابن قدامة: "ينبغي لتالي القرآن أن يعلم أنه مقصود بخطاب القرآن ووعيده، وأنّ القصص لم يُرَد بها السَّمَر، بل العِبَر، فليُتنبه لذلك".
سابعاً: عدم الانشغال في الانشغال بالإقامة للحروف
فبعض المسلمين يُسرِف في الاهتمام بإقامة حروف القرآن ومع ذلك لا يترك مساحة ولو صغيرة للتدبّر والفهم؛ وذلك لأنه غفل عن كون القرآن يتكوّن مِن مَبانٍ ومَعانٍ، والمباني وسيلة للهدف الأعظم وهو فهم المعاني؛ لذلك لا ينبغي أن يكون شغلنا الشاغل إقامة المباني على حساب تدبّر المعاني، فلقد عدَّ ابن قدامة ذلك أحد مداخل الشيطان التي تحجب عن فهم القرآن، فقال: "ولْيتخلَّ التالي من موانع الفهم، مثل أن يخيّل الشيطان إليه أنه ما حقّق تلاوة الحرف ولا أخرجه من مخرجه، فيكرره التالي، فيصرف همته عن فهم المعنى".
ثامناً: الحرص على قيام الليل بالقرآن
فإنّ قيام الليل من أعظم العبادات وأحبها إلى الله، وأكثرها حضورًا للقلب؛ لذلك إن أراد المسلم التأثر بالقرآن فعليه أن يقوم الليل به، وهذه وصية الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، حيث قال سبحانه: {يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا * إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} (المزمل:1-6) إن لك في النهار سبحا طويلا يقول الإمام ابن كثير: "والمقصود أنّ قيام الليل هو أشد مواطأةً بين القلب واللسان وأجمع على التلاوة، ولهذا قال تعالى: {هي أشد وطئا وأقوم قيلا} أي: أجمعُ للخاطر في أداء القراءة وتفهّمها مِن قيام النهار".
ثمرات التأثّر بالقرآن
إن القارئ للقرآن على الوجه الذي ألمحنا إليه يجني الكثير من الثمرات بتدبُّره وتأثره بالقرآن، ومن ذلك:
الثمرة الأولى: زيادة الإيمان
فالعبد المؤمن الذي يحسن التعامل مع القرآن، يزداد إيمانًا وإقبالًا على الله ويمتلئ قلبه توكُّلًا وبِشرًا وسرورًا، فقد قال الله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} (الأنفال:2) وقال سبحانه: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون} (التوبة:124).
الثمرة الثانية: صلاح القلوب
فالقرآن الكريم أعظم أدوية القلوب أثراً في إزالة أمراض الشهوات والشبهات، ولِمَ لا وقد قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (يونس:57) يقول الشيخ السعدي: "هذا القرآن شفاء لما في الصدور من أمراض الشهَوات الصادّة عن الانقياد للشرع، وأمراض الشبُهات القادحة في العلم اليقيني، فإن ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة".
الثمرة الثالثة: الإقبال على طاعة الله
فالإقبال على الطاعات وشحن الهمم للقيام بها من أعظم الآثار العملية التي يحدِثها القرآن، فقد قال الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} (الزمر:23) يقول القرطبي: {ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} "قيل: أي: تلين إلى العمل بكتاب الله، والتصديق به".
الثمرة الرابعة: زيادة خشية الله تعالى
فإنّ التأثّر بالقرآن وتدبّر ما فيه من الحديث عن عظمة الله سبحانه وقدرته من أعظم أسباب زيادة خشيته سبحانه، قال تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} (الحشر:21) يقول ابن عاشور في تفسير هذه الآية: "لو كان المخاطَب بالقرآن جبلاً، وكان الجبل يفهم الخطاب لتأثَّر بخطاب القرآن تأثُّراً ناشِئاً من خشيةٍ لله، خشيةٍ تُؤَثِّرها فيه معاني القرآن".
الثمرة الخامسة: تهذيب السلوك والأخلاق
إنّ انعكاس القرآن على سلوك المسلم من أعظم الثمرات المرجوّة، فبعد فهم القرآن وتدبره يأتي التخلُّق بأخلاقه والاهتداء بهديه كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم، فالسيدة عائشة رضي الله عنها: عندما سُئلت عن خُلقه صلى الله عليه وسلم، قالت للسائل: ألستَ تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قالت: (خُلق نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن) رواه مسلم.
ويقول الحسن البصري: "والله ما تدبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إنّ أحدهم ليقول: قرأتُ القرآن كلَّه، ما يُرى له القرآنُ في خُلق ولا عمل".
فقد تبيَّن مما سبق عظيمُ أثر القرآن في النفوس، وأهم الوسائل المعينة على التأثر به، وكذلك ما يجنيه التالي للقرآن ممن تدبره وتأثر به من ثمرات، نساله تعالى أن يعلِّمَنا من القرآن ما جهلنا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، آمين.
* مادة المقال مستفادة من موقع (مركز تفسير للدراسات القرآنية).
- الكاتب:
إسلام ويب - التصنيف:
دراسات قرآنية