الفطرة هي ما جبل عليه الإنسان في أصل الخلقة من الأشياء الظاهرة والباطنة ، فهناك فطرة باطنة تتعلق بالقلب وهي معرفة الله وتوحيده ومحبته ، وهناك فطرة عملية ظاهرة تتعلق بالبدن وهي خصال الفطرة الخمس التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( الفطرة خمس أو خمس من الفطرة : الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب ) ، فالفطرة الباطنة تزكي الروح وتطهر القلب ، والفطرة الظاهرة تطهر البدن ، والختان على رأس هذه الخصال كما يقول الإمام ابن القيم رحمه الله ، وهو أخذ القلفة أوالجلدة التي تكون على رأس القضيب .
وإضافة إلى كون الختان من سنن المسلمين وأحد خصال الفطرة كما سبق ، فقد أثبتت الدراسات والأبحاث فوائده الطبية بما لا يدع مجالا ًللشك ، الأمر الذي دعا الغرب اليوم إلى إدارك أهميته والحاجة إليه .
إذ إن بقاء هذه القلفة يكون بمثابة المستنقع الذي تنمو فيه عوامل الأمراض ، ويغذيها البول بنجاسته فتتنتعش وتتكاثر ، حتى تتكون مادة بيضاء مترسبة هي نتيجة بقايا الجراثيم والفطور وإفرازات الغدد الدهنية والعرقية ، مع توسْفات النسيج المخاطي وترسبات البول ومحتوياته ، فتدخل هذه المواد من صماخ البول عند من لم يختتن وتلج إلى الإحليل ومنه إلى المثانة ثم إلى الكلية ، وقد تتابع طريقها إلى البرستات أو الخصية والبربخ ، وربما سببت العقم عند الرجال نتيجة لالتهاب الخصية والبربخ .
والختان أيضاً يقي بإذن الله من الإصابة بسرطان القضيب حيث يؤكد الدكتور روبسون في مقال له : أن هناك أكثر من 60 ألف شخص أصيب بسرطان القضيب في أمريكا منذ عام 1930م ، ومن العجيب أن عشرة أشخاص فقط من هؤلاء كانوا مختونين .
وهو من أهم أسباب وقاية الأطفال من التهاب المجاري البولية ، فقد أثبتت دراسة أجريت على حوالي نصف مليون طفل في أمريكا أن نسبة حدوث التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين بلغت عشرة أضعاف ما هي عليه عند المختونين ، والتهاب المجاري البولية قد لا يكون أمراً سهلاً فقد وجد الباحثون أن (36) % من المصابين بالتهاب المجاري البولية قد أصيبوا في نفس الوقت بتسمم الدم ، كما حدثت حالات الفشل الكلوي عند بعضهم .
وحتى الأمراض الجنسية تكون أكثر شيوعا عند غير المختونين ، فقد ذكر الدكتور فنك - الذي ألف كتاباً عن الختان وطبع عام 1988م في أمريكا - أن هناك أكثر من 60 دراسة علمية أجمعت على أن الأمراض الجنسية تزداد حدوثا عند غير المختونين .
كل هذه الدراسات والأبحاث العلمية التي تؤكد فوائد الختان وضرورته جعلت الغرب يعيد حساباته ويراجع مواقفه ، حتى إن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تراجعت تماما عن توصياتها القديمة ، وأصدرت توصيات حديثة أعلنت فيها بصراحة ووضوح ضرورة إجراء الختان بشكل روتيني على كل مولود ، ووصل عدد الأطفال الذين يختتنون كل عام في أمريكان إلى مليون طفل .
هذه بعض فوائد الختان الذي عدَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد السنن التي تدعو إليها الفطرة السليمة ، والتي جاءت مكتشفات العلم الحديث بتصديقها وإقرارها ، ولا يزال العلم كل يوم يكشف المزيد من الأسرار التي جاءت بها السنة النبوية ، فصلوات الله وسلامه على معلم البشرية وهادي الإنسانية .