4965  [ ص: 28 ] ما ذكر في تستر  
( 1 ) حدثنا قراد أبو نوح  قال حدثنا عثمان بن معاوية القرشي  عن أبيه عن  عبد الرحمن بن أبي بكرة  قال : لما نزل أبو موسى  بالناس على الهرمزان  ومن معه بتستر  ،  قال : أقاموا سنة أو نحوها لا يخلصون إليه  ،  قال : وقد كان الهرمزان  قتل رجلا من دهاقنتهم وعظمائهم  ،  فانطلق أخوه حتى أتى أبا موسى  فقال : ما يجعل لي إن دللتك على المدخل  ،  قال : سلني ما شئت  ،  قال : أسألك أن تحقن دمي ودماء أهل بيتي وتخلي بيننا وبين ما في أيدينا من أموالنا ومساكننا  ،  قال : فذاك لك  ،  قال : ابغني إنسانا سابحا ذا عقل ولب يأتيك بأمر بين  ،  قال : فأرسل أبو موسى  إلى مجزأة بن ثور السدوسي  فقال له : ابغني رجلا من قومك سابحا ذا عقل ولب  ،  وليس بذاك في خطره  ،  فإن أصيب كان مصابه على المسلمين يسيرا  ،  وإن سلم جاءنا سب  ،  فإني لا أدري ما جاء به هذا الدهقان ولا آمن له ولا أثق به  ،  قال : فقال مجزأة    : قد وجدت  ،  قال : من هو ؟ فأت به  ،  قال  ،  أنا هو  ،  قال أبو موسى    : يرحمك الله  ،  ما هذا أردت فابغني رجلا  ،  قال : فقال مجزأة بن ثور    : والله لا أعمد إلى عجوز من بكر بن وائل  أتداين أم مجزأة  بابنها  ،  قال : أما إذا أبيت فسر  ،  فلبس الثياب البيض وأخذ منديلا وأخذ معه خنجرا  ،  ثم انطلق إلى الدهقان حتى سنح  ،  فأجاز المدينة  فأدخله من مدخل الماء حيث يدخل على أهل المدينة  ،  قال : فأدخله في مدخل شديد يضيق به أحيانا حتى ينبطح على بطنه  ،  ويتسع أحيانا فيمشي قائما  ،  ويحبو في بعض ذلك حتى دخل المدينة  ،  وقد أمر أبو موسى  أن يحفظ طريق باب المدينة  وطريق السوق ومنزل الهرمزان  ،  فانطلق به الدهقان حتى أراه طريق السور وطريق الباب  ،  ثم انطلق به إلى منزل الهرمزان  ،  وقد كان أبو موسى  أوصاه أن " لا تسبقني بأمر " فلما رأى الهرمزان  قاعدا وحوله دهاقنته وهو يشرب فقال للدهقان : هذا الهرمزان  ؟ قال : نعم  ،  قال : هذا الذي لقي المسلمون منه ما لقوا  ،  أما والله لأريحنهم منه  ،  قال : فقال له الدهقان : لا تفعل فإنهم يحرزون ويحولون بينك وبين دخول هذا المدخل  ،  فأبى مجزأة  إلا أن يمضي على رأيه على قتل العلج  ،  فأداره الدهقان والأصب أن يكف عن قتله  ،  فأبى  ،  فذكر الدهقان قول أبي موسى  له " اتق أن لا تسبقني بأمر  ،  فقال : أليس قد أمرك صاحبك أن لا تسبقه بأمر  ،  فقال : ها أنا والله لأريحنهم منه  ،  فرجع مع الدهقان إلى منزله فأقام يومه حتى أمسى  ،  ثم رجع إلى أبي موسى  فندب أبو موسى  الناس معه  ،  فانتدب ثلاثمائة ونيف  ،  فأمرهم أن يلبس الرجل ثوبين لا يزيد عليه  ،  وسيفه  ،  ففعل القوم  ،  قال فعمدوا على  [ ص: 29 ] شاطئ النهر ينتظرون مجزأة  أن يأتيهم وهو عند أبي موسى  يوصيه ويأمره  ،  قال  عبد الرحمن بن أبي بكرة    : وليس لهم هم غيره يشير إلى الموت  ،  لأنظرن إلى ما يصنع  ،  والمائدة موضوعة بين يدي أبي موسى  ،  قال : فكأنه استحى أن لا يتناول من المائدة شيئا  ،  قال : فتناول حبة من عنب فلاكها  ،  فما قدر على أن يسيغها وأخذها رويدا فنبذها تحت الخوان  ،  وودعه أبو موسى  وأوصاه فقال : مجزأة  لأبي موسى    : إني أسألك شيئا فأعطنيه قال : لا تسألني شيئا إلا أعطيتكه  ،  قال : فأعطني سيفك أتقلده إلى سيفي  ،  فدعا له بسيفه فأعطاه إياه  ،  فذهب إلى القوم وهم ينظرونه حتى كان في وسطه منهم فكبر ووقع في الماء ووقع القوم جميعا  ،  قال : يقول  عبد الرحمن بن أبي بكرة    : كأنهم البط فسبحوا حتى جاوزوا  ،  ثم انطلق بهما إلى الثقب الذي يدخل الماء منه فكبر  ،  ثم دخل فلما أفضى إلى المدينة  فنظر لم يقم معه إلا خمسة وثلاثون أو ستة وثلاثون رجلا  ،  فقال لأصحابه : ألا أعود إليهم فأدخلهم ؟ فقال رجل من أهل الكوفة  يقال له الجبان  لشجاعته : غيرك فليقل هذا يا مجزأة  ،  إنما عليك نفسك  ،  فامض لما أمرت به  ،  فقال له : أصبت  ،  فمضى بطائفة منهم إلى الباب فوضعهم عليه ومضى بطائفة إلى السور  ،  ومضى بمن بقي حتى صعد إلى السور  ،  فانحدر عليه علج من الأساورة  معه  ،  فنزل فطعن مجزأة  فأثبته  ،  فقال مجزأة    : امضوا لأمركم  ،  لا يشغلنكم عني شيء  ،  فألقوا عليه برذعة ليعرفوا مكانه ومضوا  ،  وكبر المسلمون على السور وعلى باب المدينة  وفتحوا الباب وأقبل المسلمون على عادتهم حتى دخلوا المدينة  ،  قال : قيل للهرمزان    : هذا العرب  قد دخلوا  ،  قال : لا شك أنهما قد رحسوها  ،  قال : من أين دخلوا ؟ أمن السماء  ،  قال : وتحصن في قصبة له  ،  وأقبل أبو موسى  يركض على فرس له عربي حتى دخل على  أنس بن مالك  وهو على الناس  ،  قال : لكن نحن يا  أبا حمزة  لم نصنع اليوم شيئا  ،  وقد قتلوا من القوم من قتلوا  ،  وأسروا من أسروا  ،  وأطافوا بالهرمزان  لقصبته إليه حتى أمنوه  ،  ونزل على حكم  عمر بن الخطاب  أمير المؤمنين  ،  قال : فبعث بهم أبو موسى  مع  أنس  الهرمزان  وأصحابه  ،  فانطلقوا بهم حتى قدموا على  عمر  ،  قال : فأرسل إليه  أنس    : ما ترى في هؤلاء ؟ أدخلهم عراة مكتفين  ،  أو آمرهم فيأخذون حليهم وبرمتهم  ،  قال : فأرسل إليه  عمر  ،  لو أدخلتهم كما تقول عراة مكتفين لم يزيدوا على أن يكونوا أعلاجا  ،  ولكن أدخلهم عليهم حليهم وبرمتهم حتى يعلم المسلمون ما أفاء الله عليهم  ،   [ ص: 30 ] فأمرهم فأخذوا برمتهم وحليهم ودخلوا على  عمر  ،  فقال الهرمزان   لعمر    : يا أمير المؤمنين  ،  قد علمت كيف كنا وكنتم إذ كنا على ضلالة جميعا  ،  كانت القبيلة من قبائل العرب  ترمي نشابة بعض أساورتنا فيهربون إلى الأرض البعيدة  ،  فلما هداكم الله فكان معكم لم نستطع أن نقاتله  ،  فرجع بهم  أنس  ،  فلما أمسى  عمر  أرسل إلى  أنس  أن اغد علي بأسراك أضرب أعناقهم  ،  فأتاه  أنس  فقال : والله يا  عمر  ما ذاك لك  ،  قال : ولم ؟ قال : إنك قد قلت للرجل : تكلم فلا بأس عليك  ،  قال : لتأتيني على هذا ببرهان أو لأسوءنك  ،  قال : فسأل  أنس  القوم جلساء  عمر  فقال : أما قال  عمر  للرجل " تكلم فلا بأس عليك " قالوا : بلى ؟ فكبر ذلك على  عمر  ،  قال : أما رفع  عمر  يديه فأخرجهم عني  ،  فسيرهم إلى قرية يقال لها " دهلك    " في البحر  ،  فلما توجهوا بهم رفع  عمر  يديه فقال : اللهم اكسرها بهم ثلاثا  ،  فركبوا السفينة فاندقت بهم وانكسرت  ،  وكانت قريبة من الأرض فخرجوا  ،  فقال رجل من المسلمين : لو دعا أن يغرقهم لغرقوا  ،  ولكن إنما قال : " اكسرها بهم " قال : فأقرهم . 
( 2 ) حدثنا مروان بن معاوية  عن حميد  عن  أنس    : قال حاصرنا تستر  فنزل الهرمزان  على حكم  عمر  ،  فبعث به أبو موسى  معي  ،  فلما قدمنا على  عمر  سكن الهرمزان  ولم يتكلم  ،  فقال له  عمر    : تكلم  ،  فقال : أكلام حي أم كلام ميت ؟ قال : تكلم فلا بأس  ،  قال : إنا وإياكم معشر العرب  ما خلى الله بيننا وبينكم  ،  فإنا كنا نقتلكم ونقصيكم  ،  ولما أن كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان  ،  فقال  عمر    : ما تقول يا  أنس  ؟ قلت : يا أمير المؤمنين  ،  تركت خلفي شوكة شديدة وعددا كثيرا  ،  إن قتلته أيس القوم من الحياة وكان أشد لشوكتهم  ،  وإن استحييته طمع القوم  ،  فقال : يا  أنس  استحيي قاتل  البراء بن مالك  ومجزأة بن ثور  ،  فلما خشيت أن يبسط عليه قلت : ليس إلى قتله سبيل  ،  فقال  عمر    : لم ؟ أعطاك ؟ أصبت منه ؟ قلت : ما فعلت ولكنك قلت له " تكلم فلا بأس " قال : لتجيئن بمن يشهد أو لأبدأن بعقوبتك  ،  قال فخرجت من عنده فإذا أنا  بالزبير  قد حفظ ما حفظت  ،  فشهد عنده فتركه وأسلم الهرمزان  وفرض له . 
( 3 ) حدثنا غندر  عن شهاب بن حبيب  عن أبيه أنه غزا مع أبي موسى  حتى إذا كان يوم قدموا تستر  رمي الأشعري  فصرع  ،  فقمت من ورائه بالفرس حتى إذا أفاق قال : كنت أول رجل من العرب  أوقد في باب تستر  نارا ؟ قال : فلما فتحناها وأخذنا السبي قال أبو موسى    : اختر من الجند عشرة رهط ليكونوا معك على هذا السبي حتى نأتيك  ،  ثم مضى وراء ذلك في الأرض حتى فتحوا ما فتحوا من الأرض ثم رجعوا عليه  ،  فقسم أبو موسى   [ ص: 31 ] بينهم الغنائم  ،  فكان يجعل للفارس سهمين وللراجل سهما  ،  وكان لا يفرق بين المرأة وولدها عند البيع . 
( 4 ) حدثنا يحيى بن سعيد  عن حبيب بن شهاب  قال : حدثني أبي قال : كنت أول من أوقد في باب تستر  ،  ورمي الأشعري  فصرع  ،  فلما فتحوها وأخذوا السبي أمرني على عشرة من قومي ونفلني برجل سوى سهمي وسهم فرسي قبل الغنيمة . 
( 5 ) حدثنا  وكيع  قال حدثنا  شعبة  عن العوام بن مزاحم  عن خالد بن سيحان  قال : شهدت تستر  مع أبي موسى  أربع نسوة أو خمس  ،  فكن يستقين الماء ويداوين الجرحى  ،  فأسهم لهن أبو موسى    . 
( 6 ) حدثنا  عفان  قال حدثنا همام  عن  قتادة  عن زرارة بن أبي أوفى  عن مطرف بن مالك  أنه قال : شهدت فتح تستر  مع الأشعري  ،  قال : فأصبنا دانيال  بالسوس  ،  قال : فكان أهل السوس إذا أسنوا أخرجوه فاستسقوا به  ،  وأصبنا معه ستين جرة مختمة  ،  قال : ففتحنا جرة من أدناها وجرة من أوسطها وجرة من أقصاها  ،  فوجدنا في كل جرة عشرة آلاف  ،  قال همام    : ما أراه إلا قال " عشرة آلاف " وأصبنا معه ربطتين من كتان  ،  وأصبنا معه ربعة فيها كتاب  ،  وكان أول رجل وقع عليه من بلعنبر يقال له حرقوص  ،  قال : أعطاه الأشعري  الربطتين وأعطاه مائتي درهم  ،  قال : ثم إنه طلب إليه الربطتين بعد ذلك  ،  فأبى أن يردهما وشقهما عمائم بين أصحابه  ،  قال : وكان معنا أجير نصراني يسمى نعيما  ،  قال : بيعوني هذه الربعة بما فيها  ،  قالوا : إن لم يكن فيها ذهب أو فضة أو كتاب الله  ،  قال فإن الذي فيها كتاب الله  ،  فكرهوا أن يبيعوا الكتاب  ،  فبعناه الربعة بدرهمين  ،  ووهبنا له الكتاب  ،  قال  قتادة    : فمن ثم كره بيع المصاحف لأن الأشعري  وأصحابه كرهوا بيع ذلك الكتاب  ،  قال همام    : فزعم فرقد السبخي  قال : حدثني أبو تميمة  أن  عمر  كتب إلى الأشعري  أن تغسلوا دانيال  بالسدر وماء الريحان  ،  وأن يصلى عليه فإنه نبي دعا ربه أن لا يريه المسلمون . 
( 7 ) حدثنا  حماد بن سلمة  عن  أبي عمران الجوني  عن  أنس  أنهم لما فتحوا تستر  قال : فوجد رجلا أنفه ذراع في التابوت  ،  كانوا يستظهرون ويستمطرون به  ،  فكتب أبو موسى   [ ص: 32 ] إلى  عمر بن الخطاب  بذلك  ،  فكتب  عمر    : إن هذا نبي من الأنبياء والنار لا تأكل الأنبياء  ،  والأرض لا تأكل الأنبياء  ،  فكتب أن انظر أنت وأصحابك يعني أصحاب أبي موسى  فادفنوه في مكان لا يعلمه أحد غيركما  ،  قال : فذهبت أنا وأبو موسى  فدفناه . 
( 8 ) حدثنا مروان بن معاوية  عن حميد  عن حبيب أبي يحيى  أن خالد بن زيد  وكانت عينه أصيبت بالسوس قال : حاصرنا مدينتها فلقينا حميدا  وأمير الجيش أبو موسى  ،  وأخذ الدهقان عهده وعهد من معه  ،  فقال أبو موسى    : اعزلهم  ،  فعزلهم وجعل أبو موسى  يقول لأصحابه : إني لأرجو أن يخدعه الله عن نفسه  ،  فعزلهم وأبقى عدو الله  ،  فأمر به أبو موسى  ،  فنادى وبذل له مالا كثيرا  ،  فأبى وضرب عنقه . 
( 9 ) حدثنا أبو خالد  عن حميد  عن حبيب أبي يحيى  عن خالد بن زيد  عن أبي موسى  بنحوه . 
( 10 ) حدثنا  عفان  قال حدثنا همام  عن  قتادة  عن  أنس  أنه قال : شهدت فتح تستر  مع الأشعري  ،  قال : فلم أصل صلاة الصبح حتى انتصف النهار وما سرني بتلك الصلاة الدنيا جميعا . 
( 11 ) حدثنا ريحان بن سعيد  قال حدثني مرزوق بن عمرو  قال حدثني أبو فرقد  قال : كنا مع أبي موسى  يوم فتحنا سوق الأهواز  ،  فسعى رجل من المشركين  ،  وسعى رجلان من المسلمين خلفه  ،  قال : فبينا هو يسعى ويسعيان إذ قال له أحدهما : مترس  ،  فقام الرجل فأخذاه  ،  فجاءا به أبا موسى  وأبو موسى  يضرب أعناق الأسارى حتى انتهى الأمر إلى الرجل  ،  فقال أحد الرجلين : إن هذا قد جعل له الأمان  ،  قال أبو موسى    : وكيف جعل له الأمان ؟ قال : إنه كان يسعى ذاهبا في الأرض فقلت له " مترس " فقام  ،  فقال أبو موسى    : وما مترس ؟ قال : لا تخف قال : هذا أمان  ،  خليا سبيله  ،  قال : فخليا سبيل الرجل . 
 [ ص: 33 ] حدثنا مرحوم بن عبد العزيز  عن أبيه عن سديس العدوي  قال : غزونا مع الأمير الأبلة  ،  فظفرنا بها ثم انتهينا إلى الأهواز  فظفرنا بها وأصبنا سبيا كثيرا فاقتسمناهم  ،  فأصاب الرجل الرأس والاثنين  ،  فوقعنا على النساء  ،  فكتب أميرنا إلى  عمر بن الخطاب  بالذي كان  ،  فكتب إليه " إنه لا طاقة لكم بعمارة الأرض  ،  خلوا ما في أيديكم من السبي  ،  ولا تملكوا أحدا منهم  ،  واجعلوا عليهم من الخراج قدر ما في أيديهم من الأرض " فتركنا ما في أيدينا من السبي فكم من ولد لنا غلبه الهماس  ،  وكان فيمن أصبنا أناس من الزط يتشبهون بالعرب  يؤثرون لحاهم ويأتزرون ويحتبون في مجالسهم  ،  فكتب فيهم إلى  عمر  فكتب إليه  عمر    " أن أدنهم منك  ،  فمن أسلم منهم فألحقه بالمسلمين " فلما بلونا الناس لم يكن عندهم بأس  ،  وكانت الأساورة  ،  أشد منهم بأسا  ،  فكتب فيهم إلى  عمر  فكتب إليه  عمر    " أن أدنهم منك فمن أسلم فألحقه بالمسلمين " . 
( 13 ) حدثنا  عفان  قال حدثنا  شعبة  قال حدثنا أبو إسحاق  عن المهلب  قال : أغرنا على مناذر  ،  وأصبنا منهم  ،  وكأنه كان لهم عهد  ،  فكتب  عمر    : ردوا ما أصبتم منهم  ،  قال : فردوا حتى ردوا النساء الحبالى . 
( 14 ) حدثنا  عفان  قال حدثنا  حماد بن سلمة  قال حدثني  عطاء بن السائب  عن أبي زرعة بن عمر  عن جرير  أن رجلا كان ذا صوت ونكاية على العدو مع أبي موسى  ،  فغنموا مغنما فأعطاه أبو موسى  نصيبه ولم يوفه  ،  فأبى أن يأخذه إلا جمعا  ،  فضربه عشرين سوطا وحلقه  ،  فجمع شعره فذهب إلى  عمر  فدخل عليه فقال جرير    : وأنا أقرب الناس منه  ،  فأخرج شعره من ضببه ؟ فضرب بها صدر  عمر  فقال : أما والله لولاه  ،  فقال  عمر    : صدق لولا النار  ،  فقال :  مالك  ؟ فقال  ،  كنت رجلا ذا صوت ونكاية على العدو  ،  فغنمنا مغنما  ،  وأخبره بالأمر  ،  وقال : حلق رأسي وجلدني عشرين سوطا يرى أنه لا يقتص منه  ،  فقال  عمر    : لأن يكون الناس كلهم على مثل صرامة هذا أحب من جميع ما أتى علي  ،  قال :  [ ص: 34 ] فكتب  عمر  إلى أبي موسى    " سلام عليكم أما بعد فإن فلان بن فلان أخبرني بكذا وكذا  ،  وإني أقسم عليك إن كنت فعلت به ما فعلت في ملأ من الناس لما جلست في ملأ منهم فأقتص منك  ،  وإن كنت فعلت به ما فعلت في خلاء فاقعد له في خلاء فيقتص منك  ،  فقال له الناس : اعف عنه  ،  فقال : لا والله لا أدعه لأحد من الناس  ،  فلما رفع إليه الكتاب قعد للقصاص فرفع رأسه إلى السماء وقال : قد عفوت عنه  ،  وقال حماد  أيضا فأعطاه أبو موسى  بعض سهمه  ،  وقد قال أيضا جرير    : وأنا أقرب القوم  ،  قال : وقال أيضا : قد عفوت عنه لله . 
( 15 ) حدثنا  عفان  قال ثنا أبو عوانة  قال حدثنا المغيرة  عن سماك بن سلمة  أن المسلمين لما فتحوا تستر  وضعوا بها وضائع المسلمين  ،  وتقدموا لقتال عدوهم  ،  قال : فغدر بهم دهقان تستر  فأحمى لهم تنورا  ،  وعرض عليهم لحم الخنزير والحمير أو التنور  ،  قال : فمنهم من أكل فترك  ،  قال : فعرض على نهيب بن الحارث الضبي  فأبى  ،  فوضع في التنور  ،  قال : ثم إن المسلمين رجعوا فحاصروا أهل المدينة  حتى صالحوا الدهقان  ،  فقال ابن أخ لنهيب  لعمه : يا عماه  ،  هذا قاتل نهيب  ،  قال : يا ابن أخي  ،  إن له ذمة  ،  قال  سماك    : بلغني أن  عمر  بلغه ذلك فقال : يرحمه الله وما عليه لو كان أكل . 
( 16 ) حدثنا  أبو أسامة  قال حدثنا العلاء بن المنهال  قال حدثنا عاصم بن كليب الجرمي  قال : حدثني أبي قال حاصرنا بوج  وعلينا رجل من بني سليم  يقال له مجاشع بن مسعود  ،  قال : فلما فتحناها  ،  قال : وعلي قميص خلق  ،  قال : فانطلقت إلى قتيل من القتلى الذين قتلنا  ،  قال : فأخذت قميص بعض أولئك القتلى  ،  قال : وعليهم الدماء  ،  قال : فغسلته بين أحجار  ،  ودلكته حتى أنقيته ولبسته ودخلت القرية فأخذت إبرة وخيوطا فخطت قميصي  ،  فقام مجاشع  فقال : يا أيها الناس  ،  لا تغلوا شيئا  ،  من غل شيئا جاء به يوم القيامة ولو كان مخيطا  ،  قال : فانطلقت إلى ذلك القميص فنزعته وانطلقت إلى قميصي فجعلت أفتقه حتى والله يا بني جعلت أخرق قميصي توقيا على الخيط أن يقطع  ،  فانطلقت بالقميص والإبرة والخيط الذي كنت أخذته من المقاسم فألقيته فيها  ،  ثم ما ذهبت من  [ ص: 35 ] الدنيا حتى رأيتهم يغلون الأسواق  ،  فإذا قلت : أي شيء ؟ قالوا : نصيبنا من الفيء أكثر من هذا . 
( 17 ) حدثنا  ابن عيينة  عن  محمد بن عبد الرحمن   عن أبيه قال : لما قدم  عمر  فتح تستر  ،  وتستر  من أرض البصرة  ،  سألهم : هل من مغربة  ،  قالوا : رجل من المسلمين لحق بالمشركين فأخذناه  ،  قال : ما صنعتم به ؟ قالوا : قتلناه  ،  قال : أفلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا حتى استتبتموه ثلاثا  ،  فإن تاب وإلا قتلتموه  ،  ثم قال : اللهم لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذ بلغني أو حين بلغني . 
( 18 ) حدثنا  عبيد الله بن موسى  قال أخبرنا  إسرائيل  عن  أبي إسحاق  عن  المهلب بن أبي صفرة  قال : حاصرنا مدينة الأهواز  فافتتحناها  ،  وقد كان ذكر صلح  ،  فأصبنا نساء فوقعنا عليهن  ،  فبلغ ذلك  عمر  فكتب إلينا " خذوا أولادهم وردوا إليهم نساءهم " وقد كان صالح بعضهم . 
( 19 ) حدثنا  محمد بن بشر  قال حدثنا  عبد الله بن الوليد  عن عمر بن محمد بن حاطب  قال : سمعت جدي  محمد بن حاطب  قال : ضرب علينا بعث إلى إصطخر  ،  فجعل الفارس للقاعد ثلاثا . 
( 20 ) حدثنا  عفان  قال حدثنا جعفر بن كيسان  قال سمعت شديسا العدوي  يقول : غزوت ميسان  فسبيت جارية فنكحتها حتى جاء كتاب من  عمر    " ردوا ما في أيديكم من سبي ميسان    " فرددت  ،  فلا أدري على أي حال رددت ؟ حامل أو غير حامل  ،  حتى يكون أعمر لقراهم وأوفر لخراجهم . 
				
						
						
