5567 [ ص: 570 ] أبي بكر وسيرته في الردة ما جاء في خلافة
( 1 ) حدثنا غندر عن عن شعبة قال : سمعت سعد بن إبراهيم يحدث عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال : حج عبد الرحمن بن عوف فأراد أن يخطب الناس خطبة ، فقال عمر : إنه قد اجتمع عندك رعاع الناس وسفلتهم ، فأخر ذلك حتى تأتي عبد الرحمن بن عوف المدينة ، قال : فلما قدمت المدينة دنوت قريبا من المنبر ، فسمعته يقول : إني قد عرفت أن أناسا يقولون : إن خلافة أبي بكر فلتة ، وإنما كانت فلتة ولكن الله وقى شرها ، إنه لا خلافة إلا عن مشورة .
( 2 ) حدثنا عبد الأعلى عن عن ابن إسحاق عبد الملك بن أبي بكر عن عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : كنت أختلف إلى ابن عباس ونحن عبد الرحمن بن عوف بمنى مع ، أعلم عمر بن الخطاب القرآن ، فأتيته في المنزل فلم أجده فقيل : هو عند أمير المؤمنين ، فانتظرته حتى جاء فقال لي : قد غضب هذا اليوم غضبا ما رأيته غضب مثله منذ كان ، قال : قلت لم ذاك ؟ قال : بلغه أن رجلين من عبد الرحمن بن عوف الأنصار ذكرا بيعة أبي بكر فقالا : والله ما كانت إلا فلتة ، فما يمنع امرأ إن هلك هذا أن يقوم إلى من يحب فيضرب على يده فتكون كما كانت ؛ قال : فهم عمر أن يكلم الناس ، قال : فقلت : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإنك ببلد قد اجتمعت إليه أفناء العرب كلها ، وإنك إن قلت مقالة حملت عنك وانتشرت في الأرض كلها ، فلم تدر ما يكون في ذلك ، وإنما يعينك من قد عرفت أنه سيصير إلى المدينة ، فلما قدمنا المدينة رحت مهجرا حتى أخذت عضادة المنبر اليمنى ، وراح إلي حتى جلس معي ، فقلت : ليقولن هذا اليوم مقالة ما قالها منذ استخلف ، قال : وما عسى أن يقول ، قلت : ستسمع ذلك ، قال : فلما اجتمع الناس خرج سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل حتى جلس على المنبر ثم حمد الله وأثنى عليه ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ثم قال : إن الله أبقى رسوله بين أظهرنا ينزل عليه الوحي من الله يحل به ويحرم ، ثم قبض الله رسوله فرفع منه ما شاء أن يرفع ، وأبقى منه ما شاء أن يبقي ، فتشبثنا ببعض ، وفاتنا بعض ، فكان مما كنا نقرأ من القرآن " لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم " ونزلت آية الرجم ، فرجم النبي صلى الله عليه وسلم ورجمنا معه ، والذي نفس عمر محمد بيده ، لقد حفظتها وعلمتها وعقلتها لولا أن يقال : كتب في المصحف ما ليس فيه ، لكتبتها بيدي كتابا ، والرجم على ثلاثة منازل : حمل بين ، أو اعتراف من صاحبه ، أو شهود عدل ، كما أمر الله ، وقد بلغني أن رجالا يقولون في [ ص: 571 ] خلافة عمر أبي بكر : إنها كانت فلتة ولعمري إن كانت كذلك ، ولكن الله أعطى خيرها ووقى شرها ؛ وإياكم هذا الذي تنقطع إليه الأعناق كانقطاعها إلى أبي بكر ، إنه كان من شأن الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي فأتينا فقيل لنا : إن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة مع يبايعونه ، فقمت وقام سعد بن عبادة أبو بكر نحوهم فزعين أن يحدثوا في الإسلام فتقا ، فلقينا رجلان من وأبو عبيدة بن الجراح الأنصار رجل صدق عويم بن ساعدة ، فقالا : أين تريدون ؟ فقلنا : قومكم لما بلغنا من أمرهم ، فقالا : ارجعوا فإنكم لن تخالفوا ، ولن يؤت شيء تكرهونه ، فأبينا إلا أن نمضي ، وأنا أزوي كلاما أريد أن أتكلم به ، حتى انتهينا إلى القوم وإذا هم عكوف هنالك على ومعن بن عدي وهو على سرير له مريض ، فلما غشيناهم تكلموا فقالوا : يا معشر سعد بن عبادة قريش ، منا أمير ومنكم أمير ، فقام الحباب بن المنذر فقال : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، إن شئتم والله رددناها جذعة ، فقال أبو بكر على رسلكم ، فذهبت لأتكلم فقال : أنصت يا عمر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا معشر الأنصار ، إنا والله ما ننكر فضلكم ولا بلاءكم في الإسلام ولا حقكم الواجب علينا ، ولكنكم قد عرفتم أن هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب ليس بها غيرهم ، وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ، فاتقوا الله ولا تصدعوا الإسلام ، ولا تكونوا أول من أحدث في الإسلام ، ألا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين لي ، فأيهما بايعتم فهو لكم ثقة ، قال : فوالله ما بقي شيء كنت أحب أن أقوله إلا وقد قاله يومئذ غير هذه الكلمة ، فوالله لأن أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا في غير معصية أحب إلي من أن أكون أميرا على قوم فيهم ولأبي عبيدة بن الجراح أبو بكر قال ، ثم قلت : يا معشر الأنصار ، يا معشر المسلمين ، إن أولى الناس بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده ثاني اثنين إذ هما في الغار أبو بكر السباق المبين ، ثم أخذت بيده وبادرني رجل [ ص: 572 ] من الأنصار فضرب على يده قبل أن أضرب على يده ، ثم ضربت على يده وتتابع الناس ، وميل على فقال الناس : قتل سعد بن عبادة ، فقلت : اقتلوه قتله الله ، ثم انصرفنا وقد جمع الله أمر المسلمين سعد بأبي بكر فكانت لعمر الله كما قلتم ، أعطى الله خيرها ووقى شرها ، فمن دعا إلى مثلها فهو للذي لا بيعة له ولا لمن بايعه .
( 3 ) حدثنا حسين بن علي عن عن زائدة عن عاصم عن زر عبد الله قال : الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ، قال : فأتاهم فقال : يا معاشر عمر الأنصار ، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ؟ قالوا : بلى ، قال : فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ، فقالوا : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر . لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت
( 4 ) حدثنا نا محمد بن بشر حدثنا عبيد الله بن عمر عن أبيه زيد بن أسلم أنه حين بويع أسلم لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان علي يدخلان على والزبير بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم ، فلما بلغ ذلك فاطمة خرج حتى دخل على عمر بن الخطاب فقال : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك ؛ أن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت ، قال : فلما خرج فاطمة جاءوها فقالت : تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين ، فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي ، فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا عمر لأبي بكر .
( 5 ) حدثنا عن ابن نمير عن أبيه أن هشام بن عروة أبا بكر لم يشهدا دفن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كانا في وعمر الأنصار فدفن قبل أن يرجعا .
( 6 ) حدثنا ابن إدريس عن ابن عجلان عن عن أبيه قال : دخل زيد بن أسلم على عمر أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينضنضه ، فقال له : الله الله يا خليفة رسول الله ، وهو يقول : هاه إن هذا أوردني الموارد . عمر
( 7 ) حدثنا عن وكيع عن نافع بن عمر قال : قال رجل ابن أبي مليكة لأبي بكر : يا خليفة الله ، قال : لست بخليفة الله ، ولكني خليفة رسول الله ، أنا راض بذلك .
( 8 ) حدثنا عن وكيع سفيان عن عن عبد الملك بن عمير مولى لربعي بن حراش عن عن ربعي قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لا أدري ما قدر بقائي [ ص: 573 ] فيكم ، فاقتدوا باللذين من بعدي ، وأشار إلى حذيفة أبي بكر ، واهتدوا بهدي وعمر وما حدثكم عمار من شيء فصدقوه ابن مسعود .
( 9 ) حدثنا عن وكيع سالم المرادي أبي العلاء عن عمرو بن هرم عن ربعي بن حراش وأبي عبد الله رجل من أصحاب عن حذيفة قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديث حذيفة إلا أنه قال : عبد الملك بن عمير ابن أم عبد . تمسكوا بعهد
( 10 ) حدثنا عن أبو أسامة ابن عون عن محمد عن رجل من بني زريق قال : لما كان ذلك اليوم خرج أبو بكر حتى أتيا وعمر الأنصار ، فقال أبو بكر : يا معشر الأنصار ، إنا لا ننكر حقكم ؛ ولا ينكر حقكم مؤمن ، وإنا والله ما أصبنا خيرا إلا ما شاركتمونا فيه ، ولكن لا ترضى العرب ولا تقر إلا على رجل من قريش لأنهم أفصح الناس ألسنة ، وأحسن الناس وجوها ، وأوسط العرب دارا ، وأكثر الناس سجية في العرب ، فهلموا إلى فبايعوه ، قال : فقالوا : لا ؛ فقال عمر : لم ؟ فقالوا : نخاف الأثرة ، قال عمر : أما ما عشت فلا ، قال : فبايعوا عمر أبا بكر ، فقال أبو بكر : أنت أقوى مني ، فقال لعمر : أنت أفضل مني ، فقالاها الثانية ، فلما كانت الثالثة قال له عمر : إن قوتي لك مع فضلك ، قال : فبايعوا عمر أبا بكر ، قال محمد : وأتى الناس عند بيعة أبي بكر فقال : أتأتوني وفيكم ثالث ثلاثة يعني أبا عبيدة بن الجراح أبا بكر قال ابن عون : فقلت لمحمد : من ثالث ثلاثة ؟ قال : قول الله ثاني اثنين إذ هما في الغار .
( 11 ) حدثنا عن جعفر بن عون أبي العنبس عن قال : سمعت ابن أبي مليكة وسألت : يا أم المؤمنين ، من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخلف أو استخلف ؟ قالت : عائشة أبو بكر قال : ثم قيل لها : ثم من ؟ قالت : ثم ، قيل : من بعد عمر ؟ قالت : عمر . أبو عبيدة بن الجراح
( 12 ) حدثنا عن ابن نمير عبد الملك بن سبع عن عبد خير قال : سمعت يقول : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء ، قال : ثم استخلف عليا أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته ، ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض عليه أحد ، [ ص: 574 ] وكان خير هذه الأمة بعد نبيها ، ثم استخلف فعمل بعملهما وسننهما ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد ، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها وبعد عمر أبي بكر .
( 13 ) حدثنا عن يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري قال : لما ارتد على عهد عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أبي بكر أراد أبو بكر أن يجاهدهم فقال : أتقاتلهم وقد سمعت رسول الله يقول : عمر محمدا رسول الله حرم ماله ودمه إلا بحقه وحسابه على الله ، فقال من شهد أن لا إله إلا الله وأن أبو بكر : أنا لا أقاتل من فرق بين الصلاة والزكاة ؟ والله لأقاتلن من فرق بينهما حتى أجمعهما ، قال : فقاتلنا معه فكان والله رشدا ، فلما ظفر بمن ظفر به منهم قال : اختاروا بين خطتين : إما حرب مجلية ؛ وإما الخطة المخزية ، قالوا : هذه الحرب المجلية قد عرفناها ، فما الخطة المخزية ؟ قال : تشهدون على قتلانا أنهم في الجنة وعلى قتلاكم أنهم في النار ، ففعلوا . عمر
( 14 ) حدثنا عن يزيد بن هارون عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عبد الرحمن بن أبي عون عن عن القاسم بن محمد أنها كانت تقول : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل عائشة بأبي بكر ما لو نزل بالجبال لهاضها ، اشرأب النفاق بالمدينة ، وارتدت العرب ، فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وفنائها في الإسلام ، وكانت تقول مع هذا : ومن رأى عرف أنه خلق غناء للإسلام ، كان والله أحوذيا نسج وحده ، قد أعد للأمور أقرانها . عمر بن الخطاب