المسألة الثالثة عشرة
[ في أن القياس لا يكون ناسخا ] ذهب الجمهور إلى أن القياس لا يكون ناسخا
ونقله القاضي أبو بكر في التقريب عن الفقهاء والأصوليين ، قالوا : لا يجوز نسخ شيء من القرآن والسنة بالقياس ; لأن القياس يستعمل مع عدم النص ، فلا يجوز أن ينسخ النص ; ولأنه دليل محتمل ، والنسخ يكون بأمر مقطوع ; ولأن شرط القياس أن لا يكون في الأصول ما يخالفه ; ولأنه إن عارض نصا أو إجماعا ; فالقياس فاسد [ ص: 564 ] الوضع ، وإن عارض قياسا آخر ، فتلك المعارضة إن كانت بين أصلي القياس ، فهذا يتصور فيه النسخ قطعا ، إذ هو من باب نسخ النصوص ، وإن كانت بين العلتين ، فهو من باب المعارضة في الأصل والفرع ، لا من باب القياس .
قال الصيرفي : لا يقع النسخ إلا بدليل توقيفي ، ولا حظ للقياس فيه أصلا .
وحكى القاضي أبو بكر عن بعضهم : أن القياس ينسخ به المتواتر ، ونص القرآن .
وحكى عن آخرين : أنه إنما ينسخ به أخبار الآحاد فقط .
وحكى الأستاذ أبو منصور عن ( أنه يجوز النسخ بالقياس الجلي لا الخفي ، وقيل : يجوز النسخ بالقياس ) إذا كانت علته منصوصة لا مستنبطة . أبي القاسم الأنماطي
وجعل الهندي محل الخلاف في حياة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأما بعده فلا ينسخ به بالاتفاق . وأما كونه منسوخا فلا شك أن القياس يكون منسوخا بنسخ أصله ، وهل يصح نسخه مع بقاء أصله ؟
في ذلك خلاف ، الحق منعه ، وبه قال قوم من الأصوليين .
وقال آخرون : إنه يجوز نسخه في زمن الرسول بالكتاب والسنة ، والقياس ، وأما بعد موته فلا ، ورجحه صاحب المحصول وجماعة من الشافعية .