وأما  المرجحات بحسب كيفية الحكم   فهي على أقسام :  
( الأول ) : أنه يقدم ما كانت علته ناقلة عن حكم العقل على ما كانت علته مقررة ، كما قاله   الغزالي  ،  وابن السمعاني  ، وغيرهما ؛ لأن الناقلة أثبتت حكما شرعيا ، والمقررة لم تثبت شيئا .  
وقيل : إن المقررة أولى ، لاعتضادها بحكم العقل المستقل بالنفي ، لولا هذه العلة الناقلة ، قال الأستاذ  أبو منصور     : ذهب أكثر أصحابنا إلى ترجيح الناقلة عن العادة ، وبه جزم  إلكيا  ؛ لأن الناقلة مستفادة من الشرع ، والأخرى ترجع إلى عدم الدليل ، فلا معارضة بينهما .  
وقيل : هما مستويان ؛ لأن النسخ بالعلل لا يجوز .  
( القسم الثاني ) : أنه يقدم ما كانت علته مثبتة على ما كانت علته نافية ، كذا قال الأستاذ  أبو إسحاق  وغيره .  
قال   الغزالي     : قدم قوم المثبتة على النافية ، وهو غير صحيح ؛ لأن النفي الذي لا يثبت      [ ص: 803 ] إلا شرعا كالإثبات ، وإن كان نفيا أصليا يرجع إلى ما قدمناه في الناقلة والمقررة .  
وقال  الأستاذ أبو منصور     : الصحيح أن الترجيح في العلة لا يقع بذلك ؛ لاستواء المثبت والنافي في الافتقار إلى الدليل ، قال : وإلى هذا القول ذهب أصحاب الرأي .  
( القسم الثالث ) : أنه يقدم ما يقتضي الحظر على ما يقتضي الإباحة . قال  ابن السمعاني     : وهو الصحيح وقيل : هما سواء .  
( القسم الرابع ) : أن يكون أحدهما يقتضي حدا ، والآخر يسقطه ، فالمسقط مقدم .  
( القسم الخامس ) : أن يكون أحدهما يقتضي العنف والآخر يسقطه ، فالمقتضي للعتق مقدم . وقيل : هما سواء .  
( القسم السادس ) : أن يكون أحدهما مبقيا للعموم ( على عمومه والآخر موجبا لتخصيصه . وقيل : يجب ترجيح ما كان مبقيا للعموم ) لأنه كالنص في وجوب استغراق الجنس ، ومن حق العلة أن لا ترفع النصوص فإذا أخرجت ما اشتمل عليه العام مخالفة للأصول التي يجب سلامتها عنه ، كذا قال القاضي في التقريب ، وحكى  الزركشي  عن الجمهور أن المخصصة له أولى ؛ لأنها زائدة .  
				
						
						
