الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        [ ص: 128 ] [ ص: 129 ] المقصد الثاني

                        في السنة

                        وفيه أبحاث

                        [ ص: 130 ] [ ص: 131 ] البحث الأول

                        في معنى السنة لغة وشرعا

                        أما لغة : فهي الطريقة المسلوكة ، وأصلها من قولهم : سننت الشيء بالمسن إذا أمررته عليه ، حتى يؤثر فيه سنا أي طريقا .

                        وقال الكسائي : معناها الدوام ، فقولنا : سنة معناه الأمر بالإدامة من قولهم : سننت الماء إذا واليت في صبه .

                        قال الخطابي : أصلها الطريقة المحمودة ، فإذا أطلقت انصرفت إليها ، وقد يستعمل في غيرها مقيدة ، كقوله : من سن سنة سيئة .

                        وقيل : هي الطريقة المعتادة ، سواء كانت حسنة أو سيئة ، كما في الحديث الصحيح من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .

                        وأما معناها شرعا : أي في اصطلاح أهل الشرع ، فهي : قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره ، وتطلق بالمعنى العام على الواجب وغيره في عرف أهل اللغة والحديث ، وأما في عرف أهل الفقه فإنما يطلقونها على ما ليس بواجب ، وتطلق على ما يقابل البدعة كقولهم : فلان من أهل السنة .

                        قال ابن فارس في فقه اللغة العربية ، وكره العلماء قول من قال : سنة أبي بكر وعمر وإنما يقال : سنة الله وسنة رسوله .

                        ويجاب عن هذا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال في الحديث الصحيح عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين عضوا عليها بالنواجذ .

                        [ ص: 132 ] ويمكن أن يقال : إنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد بالسنة هنا الطريقة .

                        وقيل في حدها اصطلاحا هي : ما يرجح جانب وجوده على جانب عدمه ترجيحا ليس معه المنع من النقيض .

                        وقيل هي : ما واظب على فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع ترك ما بلا عذر .

                        وقيل هي : في العبادات النافلة ، وفي الأدلة ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير . وهذا هو المقصود بالبحث عنه في هذا العلم .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية