[ ص: 128 ] [ ص: 129 ] المقصد الثاني
في السنة
وفيه أبحاث
[ ص: 130 ] [ ص: 131 ] البحث الأول
في معنى السنة لغة وشرعا
أما لغة : فهي الطريقة المسلوكة ، وأصلها من قولهم : سننت الشيء بالمسن إذا أمررته عليه ، حتى يؤثر فيه سنا أي طريقا .
وقال : معناها الدوام ، فقولنا : سنة معناه الأمر بالإدامة من قولهم : سننت الماء إذا واليت في صبه . الكسائي
قال الخطابي : أصلها الطريقة المحمودة ، فإذا أطلقت انصرفت إليها ، وقد يستعمل في غيرها مقيدة ، كقوله : . من سن سنة سيئة
وقيل : هي الطريقة المعتادة ، سواء كانت حسنة أو سيئة ، كما في الحديث الصحيح . من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة
وأما معناها شرعا : أي في اصطلاح أهل الشرع ، فهي : قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره ، وتطلق بالمعنى العام على الواجب وغيره في عرف أهل اللغة والحديث ، وأما في عرف أهل الفقه فإنما يطلقونها على ما ليس بواجب ، وتطلق على ما يقابل البدعة كقولهم : فلان من أهل السنة .
قال ابن فارس في فقه اللغة العربية ، وكره العلماء قول من قال : سنة أبي بكر وعمر وإنما يقال : سنة الله وسنة رسوله .
ويجاب عن هذا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال في الحديث الصحيح . عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين عضوا عليها بالنواجذ
[ ص: 132 ] ويمكن أن يقال : إنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد بالسنة هنا الطريقة .
وقيل في حدها اصطلاحا هي : ما يرجح جانب وجوده على جانب عدمه ترجيحا ليس معه المنع من النقيض .
وقيل هي : ما واظب على فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع ترك ما بلا عذر .
وقيل هي : في العبادات النافلة ، وفي الأدلة ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير . وهذا هو المقصود بالبحث عنه في هذا العلم .