[ ص: 273 ] البحث السابع عشر : في عدم  الاعتبار بقول العوام في الإجماع   
لا اعتبار بقول العوام في الإجماع ، لا وفاقا ولا خلافا عند الجمهور ; لأنهم ليسوا من أهل النظر في الشرعيات ، ولا يفهمون الحجة ، ولا يعقلون البرهان .  
وقيل : يعتبر قولهم ; لأنهم من جملة الأمة ، وإنما كان قول الأمة حجة لعصمتها من الخطإ ، ولا يمتنع أن تكون العصمة لجميع الأمة عالمها وجاهلها ، حكى هذا القول  ابن الصباغ  وابن برهان  عن بعض المتكلمين ، واختاره   الآمدي  ، ونقله  الجويني  وابن السمعاني  والصفي الهندي  عن  القاضي أبي بكر     .  
قال في مختصر التقريب : فإن قال قائل : فإذا أجمع علماء الأمة على حكم من من الأحكام ( فهل يطلقون القول بأن الأمة أجمعت عليه ، فلنا في الأحكام ) مما يحصل فيه اتفاق الخاص والعام ، كوجوب الصلاة والزكاة وغيرهما ، فما هذا سبيله يطلق القول بأن الأمة أجمعت عليه ، وأما ما أجمع عليه العلماء من أحكام الفروع التي تشذ عن العوام ، فقد اختلف أصحابنا في ذلك ، فقال بعضهم بعضهم : العوام يدخلون في حكم الإجماع ، وذلك أنهم ، وإن لم يعرفوا تفاصيل الأحكام فقد عرفوا على الجملة أن ما أجمع عليه علماء الأمة في تفاصيل الأحكام ، فهو مقطوع به ، فهذا مساهمة منهم في الإجماع ، وإن لم يعلموا على التفصيل .  
ومن أصحابنا من زعم أنهم لا يكونون مساهمين في الإجماع ، فإنه إنما يتحقق الإجماع في التفاصيل بعد العلم بها ، فإذا لم يكونوا عالمين بها ، فلا يتحقق كونهم من أهل الإجماع .  
قال  أبو الحسين  في المعتمد : اختلفوا في اعتبار قول العامة في المسائل الاجتهادية ، فقال قوم : العامة وإن وجب عليها اتباع العلماء فإن إجماع العلماء لا يكون حجة على أهل العصر ، حتى لا تسوغ مخالفتهم إلا بأن يتبعهم العامة من أهل عصرهم ، فإن لم يتبعوهم لم يجب على أهل العصر الثاني من العلماء اتباعهم .  
وقال آخرون : بل هو حجة مطلقا ، وحكى   القاضي عبد الوهاب  وابن السمعاني  أن العامة معتبرة في الإجماع في العام دون الخاص .  
 [ ص: 274 ] قال  الروياني  في البحر : إن اختص بمعرفة الحكم العلماء كنصب الزكوات ، وتحريم نكاح المرأة ، وعمتها ، وخالتها ، لم يعتبر وفاق العامة معهم ، وإن اشترك في معرفته الخاصة والعامة ، كأعداد الركعات ، وتحريم بنت البنت ، فهل يعتبر إجماع العوام معهم ؟ فيه وجهان ، أصحهما لا يعتبر ; لأن الإجماع إنما يصح عن نظر واجتهاد ، والثاني : يعم لاشتراكهم في العلم به .  
قال   سليم الرازي     : إجماع الخاصة ، هل يحتاج معهم فيه إلى إجماع العامة ؟ فيه وجهان ، والصحيح : أنه لا يحتاج فيه إليهم .  
قال  الجويني  حكم المقلد حكم العامي في ذلك إذ لا واسطة بين المقلد والمجتهد .  
فرع : في حجية إجماع العوام  
إجماع العوام عند خلو الزمان عن مجتهد عند من قال بجواز خلوه عنه ، هل يكون حجة أم لا ؟  
فالقائلون باعتبارهم في إجماع مع وجود المجتهدين ، يقولون بأن إجماعهم حجة ، والقائلون بعدم اعتبارهم ، لا يقولون بأنه حجة ، وأما من قال بأن الزمان لا يخلو عن قائم بالحجة ، فلا يصح عنده هذا التقدير .  
				
						
						
