[ ص: 516 ] 3 - باب إنصافه من نفسه صلى الله عليه وسلم .
3804 - قال : حدثنا عبد ، ثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبو جعفر الرازي أبي هارون العبدي ، عن - رضي الله عنه - ، قال : أبي سعيد الخدري بالبطحاء ، وكان يجيء من الليل ، فيطوف بالبيت ، حتى إذا كان في وجه الفجر رجع ، فصلى بأصحابه صلاة الغداة .
قال : فحبسه الطواف ذات ليلة حتى أصبح ، فلما استوى صلى الله عليه وسلم على راحلته ، عرض له الرجل ، فأخذ بخطام ناقته ، فقال : يا رسول الله ، إن لي إليك حاجة فقال صلى الله عليه وسلم : إنك ستدرك حاجتك فأبى ، فلما خشي أن يحبسه ، خفقه بالسوط خفقة ، ثم مضى ، فصلى بهم صلاة الغداة .
[ ص: 517 ] فلما انفتل أقبل صلى الله عليه وسلم بوجهه على القوم - وكان إذا فعل ذلك عرفوا أنه حدث أمر - فاجتمع القوم حوله ، فقال صلى الله عليه وسلم : أين الذي خفقت آنفا ؟ فأعادها : إن كان في القوم فليقم ، قال : فجعل الرجل يقول : أعوذ بالله ثم برسوله ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ادنه ادنه ، حتى دنا منه ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، وناوله السوط ، فقال : خذ بمجلدك ، فاقتص ، فقال : أعوذ بالله أن أجلد نبيه ، قال صلى الله عليه وسلم : خذ بمجلدك ، فما بأس عليك ، قال : أعوذ بالله أن أجلد نبيه ، قال صلى الله عليه وسلم : إلا أن تعفو ، قال : فألقى السوط ، وقال : قد عفوت يا رسول الله .
فقام أبو ذر ، فقال : يا رسول الله ، تذكر ليلة العقبة ؟ كنت أسوق بك ، وكنت نائما ، وكنت إذا أبطأت ، وإذا أخذت بخطامها ، أعرضت ، فخفقتك خفقة بالسوط ، فقلت : قد أتاك القوم ، فقلت : لا بأس عليك .
خذ يا رسول الله ، فاقتص ، قال صلى الله عليه وسلم : قد عفوت قال : اقتص ; فإنه [ ص: 518 ] أحب إلي ، فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فلقد رأيته يتضور منها ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : أيها الناس ، اتقوا الله ، فوالله لا يظلم مؤمن مؤمنا ، إلا انتقم الله تعالى له منه يوم القيامة .
كان رجل من المهاجرين ضعيفا ، وكانت له حاجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأراد أن يلقاه على خلاء ، فيبدي له حاجته ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معسكرا [ ص: 519 ]