وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار يونس، عن ، قال: ابن إسحاق " فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الثنية نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خذوا بطن الوادي فهو أوسع عليكم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ الثنية، فذكر الحديث في مكر المنافقين بنحو مما ذكرنا في رواية عروة إلى قوله لحذيفة: "هل عرفت من القوم أحدا؟" فقال: لا، ولكني أعرف رواحلهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله [ ص: 258 ] قد أخبرني بأسمائهم وأسماء آبائهم، وسأخبرك بهم إن شاء الله عند وجه الصبح، فانطلق إذا أصبحت فاجمعهم" فلما أصبح قال: "ادع عبد الله" أظنه ابن سعد بن أبي سرح، وفي الأصل: عبد الله بن أبي، وسعد بن أبي سرح، إلا أن ذكر قبل هذا ابن إسحاق أن ابن أبي تخلف في تبوك ولا أدري كيف هذا، قال غزوة ابن إسحاق: وأبا حاضر الأعرابي، وعامرا وأبا عامر، والجلاس بن سويد بن الصامت، وهو الذي قال: لا ننتهي حتى نرمي محمدا من العقبة الليلة، ولئن كان محمد وأصحابه خيرا منا إنا إذا لغنم وهو الراعي ولا عقل لنا، وهو العاقل.
وأمره أن يدعو مجمع بن جارية، وفليحا التيمي، وهو الذي سرق طيب الكعبة، وارتد عن الإسلام، فانطلق هاربا في الأرض، فلا يدرى أين ذهب، وأمره أن يدعو حصين بن نمير الذي أغار على تمر الصدقة، فسرقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك، ما حملك على هذا؟" قال: حملني عليه أني ظننت أن الله لم يطلعك عليه، فأما إذ أطلعك الله عليه وعلمته فإني أشهد اليوم أنك رسول الله، وإني لم أؤمن بك قط قبل الساعة يقينا، فأقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عثرته، وعفا عنه بقوله الذي قال وأمره أن يدعو طعمة بن أبيرق، وعبد الله بن عيينة، وهو الذي قال لأصحابه: اشهدوا هذه الليلة تسلموا الدهر كله، فوالله ما لكم أمر دون أن تقتلوا هذا الرجل، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ويحك ما كان ينفعك من قتلي لو أني قتلت؟" فقال عدو الله: يا نبي الله والله لا تزال بخير ما أعطاك الله النصر على عدوك، إنما نحن بالله وبك، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 259 ] .
وقال لحذيفة: "ادع مرة بن ربيع" وهو الذي ضرب بيده على عاتق عبد الله بن أبي، ثم قال: تمطى، والنعيم لنا من بعده كائن نقتل الواحد المفرد، فيكون الناس عامة بقتله مطمئنين، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: "ويحك، ما حملك على أن تقول الذي قلت؟" ، فقال: يا رسول الله، إن كنت قلت شيئا من ذلك إنك لعالم به، وما قلت شيئا من ذلك.
فجمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم اثنا عشر رجلا الذين حاربوا الله ورسوله، وأرادوا قتله، فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم ومنطقهم وسرهم وعلانيتهم، وأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك بعلمه، ومات الاثنا عشر منافقين محاربين لله تعالى ورسوله، وذلك قول الله عز وجل: وهموا بما لم ينالوا وكان رأسهم وله بنوا أبو عامر وهو الذي كان يقال له الراهب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفاسق، وهو مسجد الضرار، أبو حنظلة غسيل الملائكة فأرسلوا إليه، فقدم عليهم أخزاه الله وإياهم، وانهارت تلك البقعة في نار جهنم، وقال مجمع حين بنى المسجد: إن هذا المسجد إذا بنيناه اتخذناه لسرنا ونجوانا ولا يزاحمنا فيه أحد، فنذكر ما شئنا، ونخيل إلى أصحاب محمد إنما نريد الإحسان.
وذكر محمد بن إسحاق في الأوراق التي لم أجد سماعا فيها من كتاب المغازي عن ثقة من بني عمرو بن عوف: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل من تبوك حتى نزل بذي أوان بينه وبين المدينة ساعة من نهار، وكان أصحاب مسجد الضرار قد أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا: قد [ ص: 260 ] بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني على جناح سفر، فلو قد رجعنا إن شاء الله عز وجل أتيناكم فصلينا لكم فيه" ، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي أوان أتاه خبر السماء، فدعا مالك بن الدخشم، ومعن بن عدي وهو أخو عاصم بن عدي، فقال: "انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه، وأحرقاه" ، فخرجا سريعين حتى دخلاه وفيه أهله، فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه، ونزل فيه من القرآن ما نزل " وذكر أسماء الذين بنوه وذكر فيهم ابن إسحاق ثعلبة بن حاطب.