ذكر الذمي يشتري أرضا من أرض العشر
واختلفوا في فقالت طائفة: "لا شيء عليه فيها، وذلك أن العشر إنما يجب على المسلمين طهورا لهم، وليس على أهل الذمة صدقة في زروعهم ، كذلك قال الذمي يشتري أرضا من أرض العشر، وقال: "إنما الجزية على رؤوسهم وفي أموالهم إذا مروا بها في تجاراتهم" . [ ص: 40 ] مالك بن أنس،
وحكى أبو عبيد، عن أنه قال: "لا عشر عليه ولكنه يؤمر ببيعها، لأن في ذلك إبطالا للصدقة" ، وكذلك رووا عن مالك أنه قال: لا عشر عليه ولا خراج إذا اشتراها الذمي من مسلم وهي أرض عشر، وقال: هذا منزلة ما لو اشترى ماشيته [أفلست] ترى أن الصدقة سقطت عنه فيها؟ قال الحسن بن صالح أبو عبيد : وقول مالك، والحسن بن صالح، وشريك في هذا عندي أشبه بالصواب" .
وكان يقول: "ليس على أهل الذمة صدقة في أموالهم، وليس عليهم إلا الجزية" ، وقال الحسن البصري الصدقة على من تجر من أهل الكتاب، وكان النخعي: يقول: لا عشر عليه في ذلك، وحكى الشافعي أشهب عن كحكاية مالك أبي عبيد عنه، قال: سئل عن فقال: لا عشر عليه، ولكنه يؤمر ببيعها; لأن في ذلك إبطالا للصدقة. وقال الذمي يشتري أرضا من أرض العشر؟ يجبر على بيعها; لأن في ذلك إبطال حق للمسلمين . أبو ثور:
وفيه قول ثان: وهو، أن الذمي إذا اشترى أرض عشر تحولت أرض خراج. هكذا قال النعمان، وقال يعقوب: يضاعف عليه العشر، وكان [ ص: 41 ] يقول: عليه العشر على حاله، وبه قال سفيان الثوري ابن الحسن .
وقال النعمان، ويعقوب : "إن اشترى التغلبي أرضا من أرض العشر كان عليه العشر مضاعفا، فإن اشتراها منه بعد ذلك مسلم كان عليه العشر مضاعفا في قول النعمان وزفر" .
وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن وأن أحكامهم أحكام المسلمين، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وأن عليهم فيما زرعوه الزكاة، وكذلك ثمارهم وسائر أموالهم. كل أرض أسلم عليها أهلها قبل أن يقهروا أنها لهم،
وقد ذكرنا تفسير ذلك في كتاب الزكاة، ولا أعلمهم يختلفون في أن لا شيء على أهل الذمة في منازلهم ورقيقهم ودورهم، ولا في سائر أموالهم إذا كانوا من غير بني تغلب إلا ما يمرون به على العاشر، فإنا ذكرنا ما عليهم في ذلك في كتاب الزكاة .