ذكر اختلاف أهل العلم فيما يفعل بسهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم" .
واختلفوا فقالت طائفة: يرد على الذين كانوا معه في الخمس وهم ذووا القربى، واليتامى والمساكين، وابن السبيل فيقسم الخمس كله بينهم أرباعا، وكان أحق الناس بهذا القول من أوجب قسم الصدقات بين جميع أهل السهمان محتجا بقوله: ( فيما يفعل في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ) الآية، فمن حيث ألزم من قال: إن الصدقات يجوز تفريقها في بعض السهام دون بعض حكم آية الغنيمة، لزمه أن يرد سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من معه في الخمس لتشبيه أحد القسمين بالآخر، لأنه لما قال: إذا فقدنا صنفا من أهل الصدقات، رددنا سهمه على الباقين، وقد سوى بين حكم الآيتين، فكذلك كل صنف يفقد من أهل الخمس يجب رد سهم ذلك الصنف على الأصناف الباقية، ولن يلزم في أحدهما شيئا إلا لزم في [ ص: 95 ] الآخر مثله، ويلزم ذلك من وجه ثان وهو أنهم قالوا: إذا فقدنا من سائر الأصناف صنفا سوى الرسول وجب رد حق ذلك الصنف على الآخرين، فكذلك يلزم في سهم الرسول لما مضى، ثم لسبيله أن يرد سهمه على سائر السهمان كما قالوا في غير سهمه سواه .
وقالت طائفة: يجب رد خمس الخمس سهم، النبي صلى الله عليه وسلم إلى الذين شهدوا الوقعة، ووجب لهم أربعة أخماس الغنيمة; لأنهم الذين قاتلوا وغنموا، ويقسم أربعة أخماس خمس الغنيمة بين الأصناف الأربعة ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل أرباعا كما كان لهم في الأصل .
وقالت طائفة: هو للخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم مقامه في ذلك فيصرفه فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصرفه فيه .
6085 - من حديث أبي كريب، عن ابن الفضيل، عن الوليد بن جميع، عن عن أبي الطفيل، أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: . "إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه، فهو للذي يقوم من بعده، فرأيت أن أرده على المسلمين ، فقالت: يعني فاطمة، أنت أعلم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقالت طائفة: يجعل في الخيل والعدة في سبيل الله، قال الحسين بن محمد بن الحنفية : " اختلفوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذين السهمين - يعني سهم الرسول صلى الله عليه وسلم وسهم ذي القربى - فقال قائل: سهم النبي صلى الله عليه وسلم للخليفة بعده. وقال قائل: سهم ذي القربى لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال قائل: سهم ذي [ ص: 96 ] القربى لقرابة الخليفة، فأجمع رأيهم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله، فكان خلافة أبي بكر، وعمر في الخيل والعدة في سبيل الله .
وقال في سهم الله والرسول: هو في السلاح والكراع. وقال قتادة في سهم ذي القربى: كانت طعمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، فلما توفي حمل عليه أبو بكر وعمر في سبيل الله . أحمد بن حنبل
وكان يقول: "والذي أختار في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (يضعه) الإمام في كل أمر حصن به الإسلام وأهله من سد ثغر، أو إعداد كراع، أو سلاح، أو إعطائه أهل البلاء في الإسلام نفلا عند الحرب، وغير الحرب، إعدادا للزيادة في تعزيز الإسلام وأهله، على ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطى المؤلفة ونفل في الحرب، وأعطى عام حنين نفرا من أصحابه من المهاجرين والأنصار أهل حاجة وفضل، وأكثرهم أهل فاقة، نرى والله أعلم ذلك كله من سهمه" . الشافعي
وقالت طائفة: القسمة مقسومة على خمسة، أربعة أخماس للجيش، وخمس مقسوم على ثلاثة بين اليتامى والمساكين وابن السبيل، هذا قول أصحاب الرأي، كان أبو ثور يقول: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له صفي، فإن ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان بعد ما نزل الحكم في قسم [ ص: 97 ] الغنائم، فللإمام أخذه على نحو ما كان يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم، ويجعله مجعل سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس، وإن لم يثبت ذلك لم يأخذ الإمام من ذلك شيئا .
وقال في الصفي: إنما كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قلت: فتعلم أحدا قال: هو لمن بعده؟ فقال: لا . أحمد بن حنبل
قال ولا أعلم أحدا وافق أبو بكر: أبا ثور على ما قال .