ذكر الوقت الذي أبيح يحتسب به لابس الخفين إلى الوقت الذي أبيح له المسح عليهما
اختلف أهل العلم في الوقت الذي يحتسب به من مسح على خفيه. فقالت طائفة: يحتسب به من مسح على خفيه تمام يوم وليلة للمقيم، وإلى تمام ثلاثة أيام ولياليهن من وقت مسحه في السفر، هذا قول أحمد .
ومن حجة من قال هذا القول، ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: فظاهر هذا الحديث يدل على أن الوقت في ذلك وقت المسح، لا وقت الحدث، وليس للحدث ذكر في شيء من الأخبار، فلا يجوز أن يعدل، عن ظاهر قوله عليه السلام إلى غير قوله إلا بخبر عنه، أو إجماع يدل على خصوص. "يمسح المسافر على خفيه ثلاثة أيام ولياليهن، والمقيم يوما وليلة".
ومما يزيد هذا القول وضوحا وبيانا، قول في المسح على الخفين قال: "يمسح إلى الساعة التي توضأ فيها" . [ ص: 95 ] عمر بن الخطاب
467 - حدثنا يحيى بن محمد، ثنا أبو عمر، نا عن أبو عوانة، عن خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، عمر، فذكره. ولا شك أن عمر أعلم بمعنى قول النبي عليه السلام ممن بعده، وهو أحد من روى عنه عليه السلام المسح على الخفين، وموضعه من الدين موضعه، وقد قال عليه السلام: وروي عنه أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي". وعمر" أبو بكر، . "اقتدوا بالذين من بعدي،
وفيه قول ثان: وهو أن من الحدث إلى الحدث، هذا قول وقت المسح سفيان الثوري، وأصحاب الرأي . والشافعي،
قال وعلى هذا بنى أبو بكر: مسائله إلا مسألة واحدة، فإنه ترك أصله فيها، وأجاب بما يوجب ظاهر الحديث، قال الشافعي ولو أحدث في الحضر، فلم يمسح حتى خرج إلى السفر، صلى بمسحه في السفر ثلاثة أيام ولياليهن. [ ص: 96 ] الشافعي:
ومن مذهبه أن الحاضر إذا لزمه مسح الحضر، فسافر لم يصل أكثر من يوم وليلة، ثم يخلع، وهذا قد لزمه حكم مسح الحضر بوقت الحدث قبل أن يسافر.
وفي هذه المسألة قول ثالث: وهو أن الماسح على خفيه يستتم بالمسح خمس صلوات لا يمسح أكثر من ذلك، روي هذا القول عن وبه قال الشعبي، إسحاق، وسليمان بن داود. وأبو ثور،
وفيه قول رابع: وهو قول ربيعة، ومالك، ومن تبعهما من أهل المدينة ، وقد ذكرت قولهم في باب قبل.
وتفسير قول من قال: يمسح من الحدث إلى الحدث، أن يلبس الرجل خفيه على طهارة، ثم يحدث عند زوال الشمس، ولا يمسح على خفيه إلا من آخر وقت الظهر، فله أن يمسح على خفيه إلى أن تزول الشمس من غد، وإذا زالت الشمس من غد وجب خلع الخف، ولم يكن له أن يمسح إذا كان مقيما أكثر من ذلك.
ومن حجة من قال هذا القول: أن فلما أحدث هذا، فأبيح له المسح ولم يمسح، وترك ما أبيح له إلى أن جاء الوقت الذي أحدث فيه فقد تم الوقت الذي أبيح له فيه المسح وجب خلع الخف. [ ص: 97 ] المسح رخصة،
وفي القول الثاني له أن يمسح إلى الوقت الذي مسح، وهو آخر وقت الظهر على ظاهر الحديث.
وقال بعض من يقول بالقول الثالث: لما اختلف أهل العلم في هذا الباب، نظرنا إلى أقل ما قيل، وهو أن يصلي بالمسح خمس صلوات، فقلنا به، وتركنا ما زاد على ذلك لما اختلفوا؛ لأن الرخصة لا يستعمل منها إلا أقل ما قيل، وإذا اختلفوا في أكثر من ذلك وجب الرجوع إلى الأصل، وهو غسل الرجلين.