باب ذكر القدر الذي يستحب أن يوصي به المرء ويقتصر عليه 
واختلفوا في القدر الذي يستحب أن يوصي به المرء،  فروينا عن جماعة أنهم أحبوا أن يوصى بالخمس: روينا عن  أبي بكر الصديق   - رحمة الله عليه - أنه أوصى بالخمس، وقال: آخذ من مالي ما أخذ الله من فيء المسلمين  . 
وروينا عن علي  أنه قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك . 
وروينا عن  ابن عباس  أنه قال: الربع جنف والثلث جنف . 
 7028  - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى  ، قال: حدثنا مسدد،  قال: حدثنا  عبد الله بن داود،  عن جعفر بن برقان،  عن خالد بن أبي [عزة]  أن أبا بكر  رضي الله عنه أوصى بالخمس، وقال: آخذ من مالي ما أخذ الله من فيء المسلمين  .  [ ص: 36 ] 
 7029  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، قال: حدثنا أبو غسان،  قال: حدثنا إسرائيل،  عن أبي إسحاق،  عن الحارث،  عن علي  قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع،  ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك  . 
 7030  - حدثنا موسى، قال: حدثنا  أبو بكر بن أبي شيبة،  قال: حدثنا  يحيى بن آدم  ، قال: حدثنا مندل،  عن  الأعمش،  عن مالك بن الحارث  ، عن  ابن عباس  قال: الثلث جنف، والربع جنف  . 
وروينا عن  الحسن البصري  أنه قال: يوصى بالسدس أو الخمس أو الربع . 
وكان  ابن عباس  يقول: الثلث والثلث كثير فلو غضوا إلى الربع  . 
وكان  سفيان الثوري  يقول: لا بأس بأن يوصي بالخمس على الربع، والربع على الثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك  .  [ ص: 37 ] 
وقال  إسحاق بن راهويه   : السنة في الربع، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث كثير إلا أن يكون رجل يعرف في ماله (مرية) شبهات وغيرها فله استغراق الثلث وذلك أحب إلينا . 
وكان  النخعي  يقول: كان يقال: السدس خير من الثلث . 
وقد روينا عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه أنه أمر أن يوصى بالعشر . 
قال  أبو بكر:  ورأت طائفة أن يوصى بالثلث، ثبت أن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه سئل عن الوصية فقال عمر: الثلث وسط من المال، لا بخس ولا شطط.  وروينا عن  الزبير بن العوام  أنه أوصى بثلثه  . 
وقال شريح:  الثلث جهد، وهو جائز . 
وقال  أحمد بن حنبل   : يوصى بالثلث .  [ ص: 38 ] 
 7033  - أخبرنا  محمد بن عبد الله بن عبد الحكم  ، قال: أخبرني  ابن وهب  ، قال: أخبرني عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله،   وعبد الله بن عمر   [عن نافع  عن  عبد الله بن عمر   ] أن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه سئل عن الوصية فقال عمر   : الثلث وسط من المال، لا بخس ولا شطط   . 
 7034  - حدثنا موسى،  قال: حدثنا  أبو بكر،  قال: حدثنا  وكيع،  عن هشام،  عن أبيه أن الزبير  أوصى بثلثه   . 
 7035  - حدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، قال: أخبرنا  عبد الرزاق  ، قال: أخبرنا  معمر،  عن أيوب،  عن نافع  ، عن  ابن عمر  ، عن عمر  قال: الثلث وسط لا بخس ولا شطط   . 
وكان  الشافعي  رحمه الله يقول: إذا ترك الميت ورثته أغنياء لم يكره له أن يستوعب الثلث، وإذا لم يدعهم أغنياء اخترت له ألا يستوعب الثلث،  [ ص: 39 ] ولا وقت في ذلك إلا ما وقعت عليه اسم الوصية، ولا أحب بلوغ الثلث إلا لمن ترك ورثته أغنياء، وقوله:  "الثلث والثلث كثير" يحتمل الثلث غير قليل، وهو أولى معانيه، لأنه لو كرهه لسعد لقال له: غض منه . 
وكان  طاوس  يقول: إذا كان [ورثة] الرجل قليلا فلا بأس أن يبلغ الثلث في وصيته . 
وقال حميد بن عبد الرحمن   : ما كنت لأقبل وصية رجل يوصي بالثلث وله ولد . 
وقيل لحكيم بن جابر   : لو أعتقت غلامك عند الموت؟ فقرأ هذه الآية ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا   ) . 
قال  أبو بكر:  الأفضل والأعلى من الأمور ما دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أن يقصر المرء عن الثلث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  "الثلث والثلث كثير" وإن بلغ موص بوصيته الثلث أنفذ ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع منه. وقيل لحميد الطويل:  كيف أحب إليك في الوصية؟ قال: على قدر المال والعيال .  [ ص: 40 ] 
				
						
						
