ذكر بيع ما يكال ويوزن مما لا يؤكل ولا يشرب
اختلف أهل العلم في يباع بالشيء من جنسه متفاضلا يدا بيد، وذلك مثل: القطن، والصوف، والورس، والحناء، والعصفر، وما أشبه ذلك. فقالت طائفة: لا يباع شيئا مما يكال أو يوزن من المأكول والمشروب، وغير المأكول والمشروب، إذا كان يكال أو يوزن اثنان بواحد، ولا يجوز إلا مثلا بمثل، فإذا اختلف النوعان فلا بأس به اثنان بواحد، هذا قول بيع الشيء مما يكال ويوزن مما لا يؤكل ولا يشرب النعمان، ولا يجوز في قوله رطل حديد [ ص: 206 ] [برطلي] حديد، وفي قول محمد بن الحسن: لا بأس أن ولا خير في ذلك نسيئة، وكذلك القطن والكتان والشعر والصوف يشتريه واحد باثنين إذا اختلف النوعان يدا بيد، ولا خير فيه نسيئة. وكان النخعي يقول: مما حمل لك منه بابا إن أخذت به ما كان من شيء واحد مما يوزن فلا يأخذن إلا عينا بعين، فإذا اختلفا فزاد وازداد وما كان من شيء واحد مما يكال فلا يؤخذ إلا مثلا بمثل، فإذا اختلفا فزاد وازداد ثم أجر كل شيء على هذا . يشتري الحديد بالنحاس، والنحاس بالرصاص متفاضلا
وكان يقول: (لكل) شيء يوزن فهو يجري مجرى الذهب والفضة، وكل شيء يكال فهو يجري مجرى البر، والشعير، وكان الزهري يقول: ما كان يوزن فوزن، وما لا يوزن فلا بأس اثنان بواحد يدا بيد، وقال سفيان الثوري : لا بأس بسيف بسيفين ولا إبرة بإبرتين، وكره الحكم وحماد [غزل] كتان بكتان، وقالت طائفة: بيع جميع ما خرج عن حد المأكول والمشروب جائز واحد باثنين من جنسه يدا بيد ونسيئة، هذا قول الشافعي. ولا بأس في مذهبه رطل نحاس برطلي نحاس [ ص: 207 ] ، ورطل حديد برطلي حديد، وعرض بعرضين يدا بيد، ونسيئة إذا وصف الآجل ودفع العاجل، وكذلك القرط، والقصب، والثياب، والقراطيس، وما أشبه ذلك، وهذا قول أبي ثور . سفيان الثوري
وقالت طائفة: في النحاس، والرصاص، والقضب، والتين، والكرسف، وما أشبه ذلك مما يوزن: لا بأس بأن يؤخذ من صنف واحد اثنان بواحد يدا بيد، ولا خير في ذلك اثنان بواحد من صنف واحد إلى أجل، فإذا اختلف الصنفان من ذلك فبان اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ اثنان منه بواحد إلى أجل، فإن كان صنف منه يشبه الصنف الآخر فإن اختلفا في الاسم مثل: الشبه والصفر، والرصاص والآنك فإني أكره أن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل، وكل شيء ينتفع به الناس من الأصناف كلها، وإن كانت الحصباء والقصة فكل واحد منهما بمثليه إلى أجل ربا. هذا كله قول وكان مالك بن أنس، يقول: الثوب بالثوبين إلى أجل مكروه . أحمد بن حنبل
قال كل ما كان مما يكال ويوزن فلا خير فيه، ويجوز ما سوى ذلك. وقال إسحاق: : والقطن ما لم ينسج فلا يبدله إلا وزنا بوزن يدا بيد، فإذا غزل ونسج وخرج من الوزن فخذ ثوب قطن بعشرة أثواب يدا بيد . الأوزاعي
قال كل ما خرج عن المأكول والمشروب، والذهب، والفضة، فلا بأس أن يباع اثنان بواحد يدا بيد ونسيئة، وذلك أني لا أعلمهم يختلفون في أن لي أن أسلم دينارا في عشرين رطلا حديد [ ص: 208 ] إلى أجل، وحرام علي أن أبيع دينارا بعشرين درهما إلى أجل، فلما فرقوا بين الذهب بالورق، والذهب بالحديد لم يكن لأحد أن يجمع بين ما قد أجمعوا على الفرق بينهما فيجعل أحدهما قياسا على الآخر . أبو بكر: