ذكر الخبر الثالث المختلف في ثبوته .
805 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أبنا أبنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، عبد الله بن محمد، عن عن عمه إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمران بن طلحة، . أم حبيبة
806 - وحدثنا محمد بن خلف بن شعبة، والحديث له، ثنا ثنا زكريا بن عدي، عبيد الله بن عمرو، عن عن عبد الله بن محمد بن عقيل، إبراهيم - هو ابن محمد بن طلحة - عن عمران بن طلحة، أنها قالت: " كنت أستحاض حيضة شديدة كثيرة، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت بنت جحش - يعني حمنة - فقلت: يا رسول الله: إن لي إليك حاجة، قال: "ما هي يا هنتاه؟" قلت: إني لأستحي منك وإنه لحديث ما منه بد، وإني أستحاض حيضة شديدة، فما ترى تقول فيها يا رسول الله قد منعتني الصوم والصلاة، قال: "أنعت لك الكرسف فإنه يذهب بالدم"، قالت: فإنه أكثر من ذلك. قال: "فتلجمي". قالت: فإنه أكثر من ذلك، إني أثج ثجا، قال: "آمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأك من الآخر إن قويت عليهما فأنت أعلم، إنما هي ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا استنقأت فصلي أربعا وعشرين أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزئك، كذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي [ ص: 350 ] العصر ثم تغتسلين فتصلين الظهر والعصر جمعا، وتؤخري المغرب، وتعجلي العشاء، ثم تغتسلي وتجمعي بين الصلاتين، ثم تغتسلي مع الفجر، ثم تصلي كذلك فافعلي وصومي وصلي إن قويت على ذلك" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا: أعجب الأمرين إلي " . زينب بنت جحش، عن
حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: الكرسف القطن، وقولها: "أثجه ثجا"، هو من الماء الثجاج، وهو السائل، وقوله: "تلجمي" يقول: شدي لجاما، وهو شبيه بقوله: " استثفري"، والاستثفار يكون من ثفر الدابة، شبه هذا اللجام بالثفر؛ لأنه يكون تحت ذنب الدابة، وذكر غير ذلك [ ص: 351 ]
قال وأما الفرقة التي نفت القول بخبر أبو بكر: وخبر أم سلمة، فإنهم دفعوا خبر بنت جحش بأن قالوا: خبر سليمان بن يسار خبر غير متصل لا يصح من جهة النقل، وذلك أن غير واحد من المحدثين أدخل بين سليمان بن يسار وبين سليمان بن يسار، رجلا اسمه مجهول، والمجهول لا يجوز الاحتجاج بحديثه إذ هو في معنى المنقطع الذي لا تقوم به الحجة. أم سلمة
807 - حدثنا يحيى بن محمد، ثنا ثنا أحمد بن يونس، الليث، عن نافع، عن أن رجلا أخبره عن سليمان بن يسار، أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة: فذكر الحديث.
808 - ورواه عن عبد الرحمن بن مهدي، عن صخر بن جويرية، نافع، عن أن رجلا أخبره عن سليمان بن يسار: نحوه. أم سلمة
809 - ورواه عن ابن أبي حازم، عن موسى بن عقبة، أن رجلا أخبره عن سليمان بن يسار: نحوه . [ ص: 352 ] أم سلمة
قال وأما حديث أبو بكر: ابن عقيل، عن في قصة إبراهيم بن محمد بن طلحة فليس يجوز الاحتجاج به من وجوه: كان حمنة لا يروي عن مالك بن أنس ابن عقيل، قال: الدافع لهذين الخبرين: وفي متن الحديث كلام مستنكر زعمت أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الاختيار إليها فقال لها: "تحيضي في علم الله ستا، أو سبعا"، قالوا: وليس يخلو اليوم السابع من أن تكون حائضا، أو طاهرا، فإن كانت حائضا فيه واختارت أن تكون طاهرا، فقد ألزمت نفسها الصلاة في يوم هي فيه حائض وصامت وصلت وهي حائض، وإن كانت طاهرا واختارت أن تكون حائضا فقد أسقطت عن نفسها فرض الله عليها في الصلاة، والصوم، وحرمت نفسها على زوجها في ذلك اليوم، وهي في حكم الطاهر، وهذا غير جائز، وغير جائز أن تخير مرة بين أن تلزم نفسها الفرض في حال، وتسقط الفرض عن نفسها إن شاءت في تلك الحال.
ثم اختلفوا في تأويل هذه الأخبار الثلاثة، فأما فرقة فنفت القول بهذين الخبرين خبر وخبر أم سلمة، وقالت فرقة بها كلها، وممن قال بها كلها: بنت جحش، ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام، أبو عبيد أن الناس تكلموا في الحيض قديما وحديثا، ووقتوا فيه أوقاتا مختلفة، فلما رأينا الأوقات بين العلماء قد اختلفت فيه رددنا علم ذلك كله إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انتهينا إليها؛ لأن الله جل ذكره يقول: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) الآية فنظرنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدناه قد بين فيه ثلاث سنن، تبين فيها كل مشكل [ ص: 353 ] لمن جمعها وفهمها، حتى لا يدع لأحد فيها مقالا بالرأي.
أما أحد السنن الثلاث فهي وهي في ذلك تعرف أيامها ومبلغ عددها، فذكر حديث الحائض التي لها أيام معلومة قد أحيضتها بلا اختلاط عليها، ثم استحيضت، واستمر بها الدم، الذي ذكرناه، وذكر حديثا عن أم سلمة . عائشة
810 - حدثنا ، عن علي بن عبد العزيز أبي عبيد، عن عن علي بن هاشم بن البريد، عن الأعمش، حبيب، عن عروة، : " أن عائشة استحيضت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: "تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي حتى يجيء ذلك الوقت، وإن قطر على الحصير" فاطمة ابنة أبي حبيش، عن .
قال أبو عبيد: وأما السنة الثانية ففي الحائض التي لها أيام متقدمة قد جرت عليها وعرفتها، ثم استمر بها الدم وطال حتى اختلطت عليها أيامها وزادت ونقصت وتقدمت وتأخرت حتى صارت لا تعرف عددها ولا وقتها من الشهور، فاحتج لمن هذه قصتها بحديث الذي بدأنا بذكره، وهو الخبر الثابت، خبر عائشة في قصة عائشة قال: وأما السنة الثالثة فهي التي ليست لها أيام متقدمة ولم تر الدم قط ثم رأته أول ما أدركت فاستمر بها، فإن سنة هذه غير سنة الأولى والثانية، وذكر حديث فاطمة بنت أبي حبيش. الذي رواه بنت جحش ابن عقيل، عن عن عمه، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، [ ص: 354 ] حمنة بنت جحش.
وقال أحمد، وإسحاق خلاف قول أبي عبيد قالا: فيما مضى، وليس ينفصل دمها فتعرف إقباله من إدباره، ووصفت من كثرة دمها وغلبته نحوا مما وصفت إذا استحيضت المرأة واستمر بها الدم، وهي غير عارفة بأيامها فإنها تجلس ستة أيام، أو سبعة أيام على حديث حمنة، فذلك وسط من حيض النساء. حمنة،
قال فقول أبو بكر: أحمد، وإسحاق هذا وتأويلهما لحديث خلاف تأويل حمنة أبي عبيد؛ لأن أبا عبيد إنما تأول حديث فيمن ليست لها أيام متقدمة ولم تر الدم، وتأويل الحديث عند حمنة أحمد، وإسحاق لمن هي غير عارفة بأيامها فيما مضى ضد ما قال أبو عبيد، وتأول حديث الشافعي على غير ما تأوله هؤلاء، وكان حمنة يقول بعد ذكره حديث الشافعي هذا يدل على أنها كانت تعرف أيام حيضها ستا، أو سبعا فلذلك قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: حمنة: قال "فإن قويت أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر، وتغتسلي حين تطهرين، وتصلين الظهر، والعصر جميعا، ثم تؤخري المغرب، وتعجلي العشاء، ثم تغتسلي وتجمعي بين المغرب والعشاء، فافعلي، وتغتسلين عند الفجر ثم تصلين الصبح وكذلك فافعلي، وصومي إن قويت على ذلك، وهذا أحب الأمرين إلي" هذا يدل على أنها كانت تعرف أيام حيضتها ستا أو سبعا، فلذلك قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 355 ] الشافعي:
وكان بعد أن ذكر حديث الشافعي، وحديث فاطمة بنت أبي حبيش، وحديث أم سلمة، يقول: وبهذه الأحاديث الثلاثة نأخذ وهي عندنا متفقة فيما اجتمعت فيه، وفي بعضها زيادة على بعض، فذكر حديث حمنة وقد ذكرت قوله فيه فيما مضى، وقد ذكرنا عنه قوله في حديث فاطمة بنت أبي حبيش، قال: وجواب النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حمنة، في المستحاضة يدل على أن المرأة التي سألت لها أم سلمة كانت لا ينفصل دمها فأمرها أن تترك الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر، قبل أن يصيبها الذي أصابها، والله أعلم. أم سلمة