باب جماع أبواب الأقضية في البيوع وذكر الإشهاد على البيع  
اختلف أهل العلم في الإشهاد على البيع . فقالت طائفة : الإشهاد على البيع فرض لازم لا يجوز تركه ، لأن الله عز وجل أمر به فقال : ( وأشهدوا إذا تبايعتم   ) فمن ترك الإشهاد على البيع كان آثما . 
 8154  - حدثنا علان بن المغيرة  ، قال : حدثنا  عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح  ، عن علي بن أبي طلحة  ، عن  ابن عباس  قوله : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه   ) فأمر بالشهادة بينهم عند المكاتبة لكي لا يدخل في ذلك جحود ولا نسيان ، فمن لم يشهد على ذلك منكم فقد عصى  . 
 8155  - حدثنا محمد بن صالح  ، قال : حدثنا بندار  ، قال : حدثنا أبو أحمد  ، قال : حدثنا سفيان  ، عن ليث  ، عن مجاهد  أن  ابن عمر  كان إذا باع بنقد أشهد ولم يكتب   . 
قال  أبو بكر   : 
 8156  - وقد روينا عن مجاهد  أنه قال : ثلاثة لا تستجاب لهم دعوة : رجل باع ولم يشهد ولم يكتب   .  [ ص: 344 ] 
وروينا نحوا من ذلك عن  أبي بردة بن أبي موسى  ، وأبي سليمان المرعشي   . 
وقال عطاء  في قوله : ( وأشهدوا إذا تبايعتم   ) على الدرهم ، والنصف درهم . 
وقال  النخعي   : يشهد ولو على [دستجة ] من بقيل . 
 8157  - وقد روينا عن  جابر بن زيد  أنه اشترى سوطا فأشهد . 
وقالت طائفة : الإشهاد ندب وليس بفرض   . 
 8158  - حدثنا زكريا  ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، قال : أخبرنا محمد بن مروان العجلي  ، قال : حدثنا عبد الملك بن أبي نضرة  ، عن أبيه  ، عن  أبي سعيد الخدري  في قول الله : ( وأشهدوا إذا تبايعتم   ) قال : صار الأمر إلى الأمانة ( فإن أمن بعضكم بعضا   ) . 
وروينا عن  الشعبي  ،  والحسن البصري  أنهما قالا : إن شاء أشهد وإن شاء لم يشهد  .  [ ص: 345 ] 
قال الحسن   : ألم تسمع إلى قوله : ( فإن أمن بعضكم بعضا   ) . 
وقال أيوب   : هو بالخيار ، وهذا على مذهب  الشافعي  ، وأصحاب الرأي  ، وبه قال أحمد  ، وإسحاق  ، وأكثر أهل العلم اليوم يقولون بهذا القول ، وقد احتج بعض أصحاب الحديث بأن البيع ينعقد وإن لم يحضره شاهد ، وأن ذلك ندب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان ذلك فرضا لأحضر حين بايع الأعرابي الفرس الذي كان معه شهودا ، فدل لما عقد البيع ولم يحضر شاهدا على أن الأمر بالإشهاد على البائع أمر ندب لا أمر فرض   . 
 8159  - حدثنا  محمد بن إسماعيل  ، قال : حدثني عيسى  ، قال : حدثنا  أبو اليمان  ، قال : أخبرني شعيب  ، عن  الزهري  ، قال : حدثني عمارة بن خزيمة بن ثابت  أن [عمه ] حدثه - وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه ، فأسرع النبي عليه السلام المشي وأبطأ الأعرابي ، فزيد في القوم على الفرس الذي ابتاعه النبي عليه السلام فناداه الأعرابي فقال : إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته . فقال : "أوليس قد ابتعته ؟ " قال : لا والله ما بعتكه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بل قد ابتعته " ، وجاء خزيمة  فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي ، فطفق الأعرابي يقول : هلم شهيدا أني بعتك . فقال خزيمة   : أشهد أنك قد بايعته . فأقبل النبي عليه السلام على خزيمة   [ ص: 346 ] فقال : "بم تشهد ؟ " فقال : بتصديقك يا رسول الله ، فجعل النبي عليه السلام شهادة خزيمة  شهادة رجلين   . 
				
						
						
