مسائل 
أجمع أهل العلم على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو ثلثيه أو ما يجمعان عليه بعد أن يكون مال كل واحد منهما [معلوما ] منه   . 
وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما فيه لنفسه دراهم معلومة   .  [ ص: 568 ] 
كذلك قال  مالك بن أنس  ،  والأوزاعي  ،  والشافعي  ،  وأبو ثور  ، وأصحاب الرأي   . 
وكذلك إن قال : نصف الربح إلا عشرة دراهم ، أو لك نصف الربح وعشرة دراهم ، أو قال أحدهما : لي عشرة دراهم وما بقي فلك . كل هذا فاسد ، فإن لم يكن العامل عمل بالمال في هذه المسائل رد المال ، وإن كان عمل في المال فوضع أو ربح ، فالوضيعة على رب المال ، والربح له ، وللعامل أجر مثله . وكذلك لو عزل من المال مائة درهم فقال : ما كان في هذا من ربح فلك [دوني ] ، وما تصيب من الفضل في سائر المال [فليا ] . فالجواب فيه كما قلناه في المسألة قبلها . 
وإذا دفع إليه مالا فقال : خذ هذا المال مقارضة أو مضاربة أو معاملة على كذا وكذا وبين ذلك ، فهو جائز . 
وإذا دفع إليه المال يعمل به على أن ربحه للعامل ولا ضمان عليه . 
ففي قول  مالك   : قد أحسن ولا بأس به ولا شيء على العامل . 
وفي قول أصحاب الرأي   : إذا دفع إليه مالا مضاربة على أن ما رزق الله فيه من شيء فهو للمضارب . قال : فإن عمل به فالربح للمضارب والمال عليه دين ، وهو ضامن للمال حتى يوفي رب المال الذي أعطاه ، وإن هلك المال قبل أن يعمل به ، هلك من مال المضارب .  [ ص: 569 ] 
وقال  أبو ثور   : ما كان من ربح فللمضارب ، وما كان من نقصان فعليه . 
قال  أبو بكر   : ولو شرط الربح كله لرب المال كان لرب المال ولا ضمان عليه تلف المال قبل أن يعمل به أو بعدما عمل به . وهكذا قال  أبو ثور  وأصحاب الرأي   . 
وإن دفع إليه ألف درهم مضاربة ولم يسم ما للعامل فيها من الربح فعمل في المال كان له أجر مثله ، والربح والوضيعة على رب المال وله . 
وهذا قول  سفيان الثوري  ،  وأبي ثور  ، وأصحاب الرأي   . وكذلك قال أحمد  ، وإسحاق   . 
وقال  الأوزاعي   : الربح بينهما نصفان وروي ذلك عن الحسن  ،  وابن سيرين   . 
وإذا دفع إلى رجل مالا مضاربة على أن لرب المال ثلث الربح ولم يذكر ما للعامل فعمل على ذلك . 
ففي قول  أبي ثور   : ما سمي لرب المال والباقي للعامل . وفي قول أصحاب الرأي   : هذه معاملة فاسدة . 
قال : وهو القياس ولكنا نستحسن فنجيزه وندع القياس . وإن دفع إليه [مالا ] على أن للعامل ثلث الربح أو ربعه ، فذلك جائز في قول  أبي ثور  وأصحاب الرأي  ، ويكون الباقي لرب المال .  [ ص: 570 ] 
ولو دفع إليه دراهم لا يدريان ما وزنها مضاربة واتفقا على الربح وعمل بها واختلفا في رأس المال فقال العامل : كانت خمسمائة ، وقال رب المال : ألف . فالقول قول العامل مع يمينه ويقتسمان الربح على ما اتفقا عليه في قول  أبي ثور  ، وأصحاب الرأي   . وإن أقام رب المال البينة على الفضل الذي يدعيه ثبت له الفضل الذي يدعيه في قولهم جميعا . 
وفي قول  الشافعي   : لا يجوز أن يقارضه بالشيء جزافا ، فإن فعلا واختلفا في رأس المال فالقول قول العامل ، والربح لرب المال والوضيعة عليه ، وللعامل أجر مثله في قوله . 
واختلفوا في الرجل يكون له عند الرجل الوديعة فيأمره أن يعمل بها مضاربة   . 
فقالت طائفة : هذا جائز وهي مضاربة على ما اشترطا عليه . هذا قول  أحمد بن حنبل  ،  وأبي ثور  ، وأصحاب الرأي   . 
وقد روي عن الحسن  أنه قال : لا يجوز ذلك حتى يقبضها منه . 
قال كل من نحفظ عنه من أهل العلم : لا يجوز أن يجعل الرجل دينا له على رجل مضاربة . وكذلك قال عطاء  ، والحكم  ،  وسفيان الثوري  ، ومالك  ، وأحمد  ، وإسحاق  ،  وأبو ثور ،  وأصحاب الرأي  ،  [ ص: 571 ] وكذلك نقول ، لأن ذمة من عليه الدين لا تبرأ إلا بقبض رب المال لماله أو قبض وكيل له . 
واختلفوا فيما يجب للعامل أن يعمل به . 
فكان النعمان  يقول : إن عمل في المال وربح فالربح له والمال دين عليه على حاله . وقال أبو يوسف  ومحمد   : هذه مضاربة فاسدة فإن اشترى وباع وربح فيه فهو لرب المال والمضارب بريء من المال الدين ، وللمضارب على رب المال أجر مثله فيما اشترى وباع . 
قال  أبو بكر   : وإن قال رجل لرجل : اقبض ما لي على فلان واعمل به مضاربة على أن الربح بيننا نصفين فقبض المال وعمل به ، فهذا جائز ، وهو وكيل له في قبضه المال مؤتمن عليه ، وقد برئ الذي عليه المال فصار المال في يدي المقارض كالوديعة خلاف المسألة التي قبلها . 
وكذلك قال  أبو ثور  ، وأصحاب الرأي   . 
واختلفوا في العامل أو رب المال يشترط شيئا من الربح لغيره .  
فقالت طائفة : هذه مضاربة فاسدة ، وللعامل كراء مثله ، إن عمل في المال ، والربح والوضيعة لرب المال وعليه . هذا قول  أبي ثور   . 
وقالت طائفة : إذا اشترط رب المال ثلث الربح لعبده ، وثلثه لنفسه ، وثلثه للعامل ، فذلك جائز ، ولصاحب المال [ثلثا ] الربح وللعامل ثلثه . 
وكذلك العامل إن كان الذي اشترط ثلث الربح لعبده ، فكذلك .  [ ص: 572 ] 
وإن اشترط - يعني رب المال - ثلث الربح لابنه ، أو لامرأته ، أو لأخيه ، أو لأخته ، فذلك سواء ، وجميع ما اشترط رب المال لأحد من هؤلاء ، فهو لرب المال . 
هذا قول أصحاب الرأي   . 
وإن اشترط العامل ثلثه لامرأته ، وثلثه لنفسه ، وثلثه لرب المال ، فثلثا ربح المال لرب المال ، والثلث للعامل ، ولا يشبه ما جعل لعبده ما جعل لامرأته . هذا قول أصحاب الرأي   . 
وكان  الشافعي  يقول : إذا اشترط رب المال ثلثه لنفسه ، وثلثه لعبده ، وثلثه للعامل ، فهو جائز ، والثلثان من الربح لرب المال ، وإن شرط ثلث الربح للعامل ، وثلثه لرب المال ، وثلثه للمساكين ، فالثلثان لرب المال ، والثلث للعامل . في قول أصحاب الرأي  ، وفي قول  أبي ثور   : المضاربة فيها فاسدة ، وللعامل أجر مثله . 
				
						
						
