مسألة:
واختلفوا في السارق يسرق وتشهد عليه بذلك بينة ويداه ورجلاه صحيحتان فيحبسه الحاكم ليسأل عن الشهود فعدا عليه رجل فقطع يده اليمنى، فقال أصحاب الرأي: يقتص له منه، لأن الحد لم يجب بعد، فإن زكى الشهود لم يقطع ثانيا، لأن اليد التي كان فيها الحد قد ذهبت، فإن لم تقطع يده الأولى [ولكن] قطعت يده اليسرى، قال: أقتص من قاطعه ولا أقطعه في السرقة لأني أكره أن أدعه بغير يد .
وقال فيها قولان . أبو ثور:
أحدهما: لا شيء عليه، وذلك أن الحد إنما يجب يوم يسرق .
والقول الثاني: أن قطع رجله يجب، ويكون بمنزلة من سرق ويده مقطوعة . [ ص: 345 ]
قال وقوله الأول أصح القولين، لأن اليد لا تخلو من أحد معنيين إما أن يكون قطعها واجبا فلا شيء على قاطعها إلا الأدب إذا كانت البينة عادلة أو لا تكون البينة عادلة، فعلى القاطع القود أو الدية . أبو بكر:
وقال في رجل قتادة قال: تقطع يد الذي عدا عليه وتقطع رجل السارق . سرق فعدا عليه رجل فقطع يده،
واختلفوا في الحاكم يحكم بقطع يد رجل في السرقة فيعدو عليه رجل فيقطع نصيبه التي وجب قطعها، فقالت طائفة: لا يقطع منه شيء. كذلك قال وقال مالك، لا شيء على السارق ولا على القاطع ويؤدبه السلطان. وبه قال مالك: وأصحاب الرأي، وقال أبو ثور إذا قطع رجل السارق أو قتل الزاني قبل أن يبلغه السلطان فعليه القصاص، وليس على السارق غير ذلك، لأن الذي وجب عليهما قد أخذ منهما، وإذا قتل المرتد قبل أن يرفعه إلى السلطان فليس على قاتله شيء . سفيان الثوري:
قال إذا وجب قطع يد السارق أو وجب رجم المحصن في الزنا أو قتل المرتد فعدا رجل فقتل الزاني والمرتد وقطع السارق فلا شيء عليه من قود ولا دية، لأنه فعل ما على السلطان أن يفعله، ويؤدب، لأنه تولى ما ليس إليه . أبو بكر:
واختلفوا في الحاكم (يأمره) بقطع يمين السارق فيقطع يساره، [ ص: 346 ] فقالت طائفة: قد أقيم عليه لا يزاد على ذلك. كذلك قال ، وبه قال قتادة إذا أخطأ القاطع فقطع شماله. وهو قول مالك وقال أصحاب الرأي: لا شيء عليه في ذلك ندع القياس، ونستحسن أن يكون هذا بتلك. وقال ابن القاسم، عليه الدية - يعني الحداد - لأنه أخطأ وتقطع يمينه إذا برأ إلا أن يكون إجماع يمنع منه . أبو ثور:
قال أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذي يجب على السارق قطع يده اليمنى فليس يخلو المتولي لقطع يساره أن يكون مخطئا أو عامدا، فإن كان أخطأ فالدية على العاقلة، وإن كان عمدا فعليه القصاص وقطع يمينه يجب في السرقة، وليس يجوز إزالة ما أوجبه الله بتعدي متعد على يد أخرى أو خطأ مخطئ . أبو بكر:
واختلفوا في الحداد يقول للسارق: أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها. فقالت طائفة: لا شيء على القاطع، و [حسبه] اليد التي قطعها. كذلك قال الشعبي . وقتادة
وقالت طائفة: تقطع يمينه إذا برأ، وذلك أنه هو أتلف يساره ولا شيء على الحداد، لأنه لم يعلم .
وقال أصحاب الرأي: ليس على الحداد في القياس شيء، ولا في الاستحسان . [ ص: 347 ]
وقال في كتاب جراح العمد: ولو قال المقتص للمقتص منه: أخرج يمينك. فأخرج يساره فقطعها، وأقر أنه عمد إخراج يساره وقد علم أن القصاص على يمينه، وأن المقتص أمره بإخراج يمينه، فلا عقل ولا قود على المقتص، وإذا برأ اقتص منه لليمنى . الشافعي
قال فقياس قوله هذا إذا عمد إخراج يده اليسرى أن تقطع يده اليمنى إذا برأت. وقال أبو بكر: في الذي يقتص منه في يمينه فقدم شماله فتقطع قال: تقطع يمينه أيضا . سفيان الثوري
قال هكذا أقول . أبو بكر: