ذكر اختلاف قول من رأى أن يستتاب المرتد
واختلف الذين رأوا أن يستتاب المرتد .
فقالت طائفة : يستتاب ثلاثة أيام .
9640 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، أخبرني معمر محمد بن عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن أبيه ، عن عمر ، أنه ثم قال : اللهم لم أحضر ، ولم آمر ، ولم أعلم . قال في رجل ارتد فضربت عنقه : هلا طينتم عليه بابا ، وفتحتم عليه كوة ، فأطعمتموه منها كل يوم رغيفا ، وسقيتموه كوزا من ماء ثلاثة أيام ، ثم عرضتم عليه الإسلام فلعله أن يراجع!
وممن رأى أن : يستتاب المرتد ثلاثا أحمد ، وإسحاق . وقال : إنه ليقال ثلاثة أيام ، فأرى ذلك حسنا ، وإنه ليعجبني ، وما يأتي من الاستظهار الأخير . وقال أصحاب الرأي : إن استتابه ثلاثة مرات في ثلاثة أيام ، أو ثلاث جمع بعد أن يكون يرجو أن يرجع إلى الإسلام ، فحسن أن يفعل به ذلك ، فإن أسلم وإلا قتله . مالك
واختلف قول فيه فقال في كتاب المرتد : الشافعي ، وقال في المختصر بعد أن ذكر حديث إذا أبى الرجل أو المرأة المرتدان الرجوع إلى الإيمان قتل مكانه ابن عبد القاري : وفي حبسه قولان : [ ص: 462 ] أحدهما : ألا يستتاب إلا مكانه ، قال : وهذا قول يصح في النظر .
والله أعلم .
والقول الثاني : أن يحبس ثلاثا ، ومن قال به يحتج بأن أمر به ، وكان عمر بن الخطاب المزني يقول : أصله الظاهر ، وهو أقيس على قوله .
وفيه قول ثان : وهو أن يدعى ثلاث مرات إلى الإسلام ، فإن أبى ضربت عنقه ، هكذا قال . الزهري
وفيه قول ثالث : وهو أن يستتاب شهرا .
9641 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق عثمان ، عن ، عن سعيد بن أبي عروبة [أبي] العلاء ، عن ، أبي عثمان النهدي عليا استتاب رجلا كفر بعد إسلامه شهرا فأبى فقتله . أن
وقالت طائفة : يستتاب أبدا ، هكذا قال : يستتاب أبدا . قال النخعي : هذا الذي نأخذ به . سفيان الثوري
قال ليس معنى قولهما عندي أن يستتاب أبدا ولا يقتل ، [ ص: 463 ] إنما معناه أن يستتاب كان أصله مسلما ثم ارتد ، أو مشركا ثم أسلم ثم ارتد ، أي ليس بين ذلك فرق كما فرق أبو بكر : عطاء .
9642 - حدثني علي ، عن العدني ، قال : قال سفيان في المرتد : . لا يضرك كان أصله مسلما ثم ارتد ، أو كان أصله مشركا ثم أسلم ثم ارتد ، يستتاب أبدا
قال : لعل من حجة أبو بكر ومن وافقه في تركهم الحسن البصري : ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم : استتابة المرتد ، وقوله : "من بدل دينه فاقتلوه" . . . . . " ، فظاهر [هذين] الحديثين يوجب قتل من ارتد عن إسلامه ، وليس في الأخبار التي رويناها في هذا الباب ، ولا في شيء منها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باستتابة أحد من المرتدين مدة معلومة ، فإن قال قائل : فأوجب على ظاهر ما احتججت به قتل من كفر بعد إسلامه رجع إلى الإسلام أو لم يرجع ، قيل : لا اختلاف بينهم أن المؤمن محقون الدم ، "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : بكفر بعد إيمان استدلالا بقول الله عز وجل ( فإذا أسلم المرتد بعد كفره وجب قبول توبته والوقوف عن قتله قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، واحتج من قال : يستتاب ثلاثا لخبر عن وقد ذكرناه ، وقد روينا عن عمر بن الخطاب عمر غير ذلك . [ ص: 464 ]
9643 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري داود ، عن ، عن الشعبي أنس قال : بعثني أبو موسى بفتح تستر إلى ، فسألني عمر بن الخطاب عمر - وكان ستة نفر من بكر بن وائل قد ارتدوا عن الإسلام ولحقوا المشركين - فقال : ما فعل النفر من بكر بن وائل ؟ قال : فأخذت في حديث آخر لأشغله عنهم . فقال : ما فعل النفر من بكر بن وائل ؟ قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، قوم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين وما سبيلهم إلا القتل ؟ ! فقال عمر : لأن أكون أخذتهم سلما أحب إلي مما طلعت عليه الشمس من صفراء أو بيضاء . قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، وما كنت صانعا بهم لو أخذتهم ؟ قال : كنت عارضا أعرض عليهم الباب الذي خرجوا منه أن يدخلوا فيه ، فإن فعلوا ذلك قبلت منهم ، وإلا استودعتهم السجن .
قال أبو بكر : فالأخبار جاءت عن مختلفة ، ولو لم يختلف لكان استعمال ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يجب ، وهو قوله : عمر بن الخطاب . "من بدل دينه فاقتلوه" ، ولو استتيب ثلاثا على حديث فإذا كفر الرجل بعد إسلامه وجب قتله إن لم يرجع إلى الإيمان ، وحسن أن يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل مكانه ابن عبد القاري عن عمر لكان مذهبا .
واستعمال ظاهر خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي مع أن الأخبار قد جاءت عن عمر مختلفة . [ ص: 465 ]