ذكر اختلاف أهل العلم في القرى التي يجب على أهلها الجمعة
اختلف أهل العلم في الأمصار والقرى التي يجب على أهلها الجمعة.
فقالت طائفة: كل قرية فيها جماعة فعليهم أن يصلوا الجمعة، روينا عن أنه، قال: إن أول جمعة جمعت بعد جمعة ابن عباس بالمدينة لجمعة جمعت بجواثى من البحرين . [ ص: 28 ] وروينا عن : أنه كان يرى أهل المياه بين ابن عمر مكة والمدينة يجمعون ولا يعيب ذلك عليهم".
1737 - حدثنا ، قال: نا سهل بن عمار حفص بن عبد الله ، قال: أخبرنا إبراهيم - هو ابن طهمان - عن أبي جمرة الضبعي، عن ، أنه قال: ابن عباس بالمدينة لجمعة جمعت بجواثى من البحرين ". "إن أول جمعة جمعت بعد جمعة
1738 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن عبد الله بن عمر نافع ، عن " ابن عمر مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب ذلك عليهم. أنه كان يرى أهل المياه بين
وروينا عن أنه عمر بن عبد العزيز مكة والمدينة أن يجمعوا. كتب إلى أهل المياه بين
وقالت طائفة: كل قرية عليهم أمير يجمع فيها.
وروينا عن أنه كتب: أيما قرية فيها أمير يقضي ويقيم الحدود فإنه يجمع فيها. عمر بن عبد العزيز
وقال : كل مدينة أو قرية عليها أمير أمروا بالجمعة، فليجمع بهم أميرهم، وقال الأوزاعي : كل مدينة أو قرية فيها جماعة، وعليهم أمير أمروا بالجمعة، فليجمع بهم. [ ص: 29 ] الليث بن سعد
وقالت طائفة: يروى هذا القول عن علي. لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع،
1739 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال: ثنا أبو عمر ، قال: نا ، عن شعبة زبيد ، عن عن سعد بن عبيدة، ، عن أبي عبد الرحمن السلمي علي قال: . "لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع"
وبه قال ، وكان النخعي ، الحسن البصري يقولان: لا جمعة إلا في مصر ، أو قال: في الأمصار. ومحمد بن سيرين
وقال الحسن: إن عمر مصر سبعة أمصار، أو قال: مصر الأمصار سبعة: المدينة ، والبحرين، والبصرة، والكوفة، والجزيرة، والشام، ومصر.
وقال النعمان ، وابن الحسن : لا تجب الجمعة إلا على أهل الأمصار، والمدائن.
وحكي عن يعقوب أنه قال: تفسير المصر الجامع والمدينة ، [ ص: 30 ] كل مصر ومدينة فيها منبر وقاض ينفذ الأحكام، ويجوز حكمه ويقيم الحدود، قال: فهذا مصر جامع فيه الجمعة.
وقالت طائفة: كل قرية فيها أربعون رجلا - والقرية: البناء بالحجارة، واللبن، والجريد، والشجر، وتكون بيوتها مجتمعة، ويكون أهلها لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة - فإذا كانوا أربعين رجلا أحرارا بالغين، رأيت - والله أعلم - أن عليهم الجمعة، فإذا صلوا الجمعة أجزأت. هذا قول . ومال إلى هذا القول الشافعي ، أحمد بن حنبل وإسحاق ، ولم يشترطا الشروط التي اشترطها . الشافعي
وقد روينا عن قولا ثالثا أنه قال: عمر بن عبد العزيز أيما قرية فيها أربعون فصاعدا عليهم إمام يقضي بينهم فليخطب، وليصل ركعتين.
ففي هذه الرواية عن عمر أنه ذكر إماما يقضي بينهم، ولم يشترط ذلك ، الشافعي وأحمد ، وإسحاق ، واشترط شروطا لم يذكرها الشافعي ، عمر بن عبد العزيز وأحمد ، وإسحاق .
وفيه قول خامس: وهي الرواية الرابعة عن ، كتب عمر بن عبد العزيز عمر: أيما قرية اجتمع فيها خمسون رجلا فليؤمهم رجل منهم، وليخطب عليهم، وليصل بهم الجمعة.
وفيه قول سادس: وهو قال إذا لم يحضر الإمام إلا ثلاثة صلى الإمام بهم الجمعة، الوليد: سألت عن الأوزاعي قال: فليجمع بهم قلوا أو كثروا، قيل له: وإن لم يكن إلا ثالث ثلاثة؟ قال: نعم. وحكى غير إمام الجمعة لم [ ص: 31 ] تحضره جماعة؟ الوليد عن أنه قال: إذا كانوا ثلاثة فليجمعوا إذا كان فيهم أميرهم. الأوزاعي
وكان يقول: الجمعة كسائر الصلوات إلا أن فيها خطبة، وقصر من الأربع، فمتى كان إمام وخطب بهم صلى الجمعة، واحتج بحديث أبو ثور أنه كتب إلى أبي هريرة يسأله عن الجمعة عمر بن الخطاب بالبحرين، فكتب إليه أن جمعوا حيثما كنتم، وقد روينا عن أنه قال: إذا كانت القرية فيها الجماعة صلوا الجمعة ركعتين، وسئل مكحول عن القرية التي تكون فيها جماعة من المسلمين، قال مالك : إنا نقول: إذا كان فيها مسجد يقيمون الصلاة يجمعون فيه، وأسواقها قائمة وبيوتها متصلة ليس كبيوت أهل البادية، فأرى أن يجمعوا، وقال مالك في القرية التي اتصل دورها: فأرى أن يجمعوا الجمعة، كان عليهم وال أو لم يكن. مالك
قال : ورأيت في حكايات أبو بكر الميموني عن أحمد أنه قال: كان عكرمة يقول: إذا كانوا سبعة جمعوا، قال: ورأيته كأنه يعجبه، وحكاية أحمد قول عكرمة قول سابع.
قال : أوجب الله على الخلق اتباع كتابه وسنن نبيه صلى الله عليه وسلم، قال الله جل ذكره: ( أبو بكر أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) [ ص: 32 ] ، وقال الله جل ذكره: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) ، فاتباع ظاهر كتاب الله عز وجل يجب، ولا يجوز أن يستثنى من ظاهر الكتاب جماعة دون عدد جماعة بغير حجة، ولو كان الله في عدد دون عدد مراد لبين ذلك في كتابه، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما عم ولم يخص كانت الجمعة على كل جماعة في دار إقامة على ظاهر الكتاب، وليس لأحد مع عموم الكتاب أن يخرج قوما من جملته بغير حجة يفزع إليها، وهذا يلزم من مذهبه القول بعموم الكتاب، وأن لا يحال ظاهر منه إلى باطن، ولا عام إلى خاص إلا بكتاب أو سنة أو اتفاق.
وقد اختلفت الروايات في هذا الباب عن وقد ذكرناها، ولو لم تختلف الروايات عنه ما وجب الاستثناء من ظاهر الكتاب بقوله، وليس لاحتجاج من احتج بقصة عمر بن عبد العزيز أسعد في أن لا تجزئ جمعة بأقل من أربعين؛ حجة؛ إذ ليس في شيء من الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم إذا كان عددهم كذا أن يصلوا، وإن نقصوا من ذلك العدد لم يصلوا، إنما كتب أن يصلي بمن معه، ولو ورد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وعددهم أقل من أربعين فترك أن يصلي بهم، لكان تاركا لما أمره به.
ودفع بعض أهل العلم قول من زعم أن الجمعة إنما تصلى في مصر أو مدينة يكون فيها قاضي ينفذ الأحكام ويقيم الحدود، بأن بعض أصحابه [ ص: 33 ] قد صلى بالمدينة الجمعة وليس فيها منبر ولا قاضي، ولا كانت الحدود تقام بها في ذلك الوقت.
1740 - حدثنا نصر بن زكريا ، قال: نا أبو سلمة يحيى بن خلف ، قال: نا عبد الأعلى ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه أبي أمامة، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، قال: "كنت قائد أبي حين ذهب بصره، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان استغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة ودعا له، فمكثت حينا أسمع ذلك منه، فقلت في نفسي: إن ذا لعجز، إني أسمعه كلما سمع الأذان للجمعة استغفر ويصلي عليه، ولا أسأله عن ذلك لم هو؟ قال: فخرجت به كما كنت أخرج إلى الجمعة، فلما سمع الأذان استغفر كما كان يفعل، قال: فقلت له: يا أبتاه: أرأيت صلاتك على لأبي أمامة أسعد كلما سمعت النداء بالجمعة لم هو؟ قال: مكة في نقيع الخضمات في هزم من حرة [ ص: 34 ] بني بياضة، قال: فكم كنتم يومئذ؟ قال: أربعين رجلا ". أي بني كان أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من
وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة وليس فيها منبر، وليس المنبر والقاضي والحدود من أمر الصلاة بسبيل، وقال : في قول علي: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع: أحمد بن حنبل لم يسمعه من الأعمش سعد .