باب الاعتداء في الصدقة.
1597 - أخبرنا أنا أبو عثمان الضبي، نا أبو محمد الجراحي، نا أبو العباس المحبوبي، نا أبو عيسى، نا قتيبة، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، سعد بن سنان، عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك، "المعتدي في الصدقة كمانعها".
قال هذا حديث غريب، وقد تكلم أبو عيسى: في أحمد بن حنبل سعد بن سنان.
وهكذا روى عن الليث سعد بن سنان، وقال عمرو بن الحارث، وابن لهيعة: عن يزيد بن أبي حبيب، سنان بن سعد، عن أنس.
قال الصحيح محمد بن إسماعيل: سنان بن سعد.
ومعنى الحديث أن على المعتدي في الصدقة من الإثم ما على المانع، ولا يحل لرب المال كتمان المال وإن اعتدى عليه الساعي.
وروي عن بشير بن الخصاصية، قال: [ ص: 79 ] . قلنا: يا رسول الله، إن أهل الصدقة يعتدون علينا، أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال: "لا".
قال أبو سليمان: يشبه أن يكون نهاهم عن ذلك من أجل أن للمصدق أن يستحلف رب المال إن اتهمه، ولو كتم شيئا واتهمه المصدق لا يجوز له أن يحلف، فقيل لهم: احتملوا الضيم، ولا تكذبوهم، ولا تكتموا المال.
وفي الحديث: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك"، فإن كتم عن الساعي العدل عزر، وإن كتم عن غير العدل ليؤدي بنفسه لم يعزر.
وروي عن بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جده معاوية بن حيدة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ويروى: "في كل أربعين من الإبل سائمة ابنة لبون، فمن أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن كتمها" ومن منعها، "فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا، ليس لآل محمد منها شيء".
قوله: "عزمة من عزمات ربنا"، قيل: معناه حق من حقوق الله، وواجب مما أوجبه الله عز وجل.
واختلف الناس في القول بظاهر هذا الحديث، فمذهب أكثر الفقهاء [ ص: 80 ] أن لا توجب زيادة في الغرامة، بل يعزر، وهو قول الغلول في الصدقة والغنيمة الثوري والشافعي، وأصحاب الرأي.
وكان يقول في الغال من الغنيمة: إن للإمام أن يحرق رحله، وكذلك قال الأوزاعي أحمد، وإسحاق.
وقال في الرجل يحمل الثمرة في أكمامها: فيه القيمة مرتين، وضرب النكال، وقال: كل من درأنا عنه الحد، أضعفنا عليه الغرم. أحمد
وغرم عمر بن الخطاب ضعف ثمن ناقة حاطب بن أبي بلتعة المزني، لما سرقها رقيقه.
وروي عن جماعة من الصحابة أنهم جعلوا دية وثلثا. دية المقتول في الحرم
وكان يتأول خبر إبراهيم الحربي على أنه يؤخذ منه السن التي وجبت عليه من خيار ماله، فلا يزداد في العدد، ويزاد بزيادة القيمة، وحمل الحديث على أنه يشطر ماله، فيؤخذ من خير الشطرين، وقرأ: "وشطر ماله". [ ص: 81 ] . بهز بن حكيم