1668 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أبي هريرة، "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ".
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن محمد، وأخرجه عبد الله بن يوسف، عن مسلم، كلاهما عن يحيى بن يحيى، مالك.
قال رحمه الله: هذا في الرجل يحفر بئرا في أرض موات، فيملكها وما حولها وبقربها موات فيه كلأ، فإن بذل صاحب البئر فضل مائه أمكن الناس رعيه، وإن منع لم يمكنهم، فيكون في منعه الماء عنهم منع الكلأ.
وإلى هذا المعنى ذهب مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والنهي عندهم على التحريم. والشافعي،
وذهب قوم إلى أنه ليس على التحريم، لكنه من باب المعروف؛ [ ص: 169 ] لأنه ملكه، فلا يحل إلا بطيبة نفسه، كسائر أمواله، وكما لا يجب عليه سقي زرع غيره من فضل مائه، لا يجب سقي ماشيته.
وذهب قوم إلى أنه لا يجوز له منع فضل الماء، ولكن له طلب القيمة، كما يجب عليه إطعام المضطر، وله طلب القيمة، والأول أصح أنه يجب بذله مجانا، لما روي عن جابر، قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء"، وليس كالطعام وغيره من الأموال، لأن منقطع المادة غير مستخلف، والماء مستخلف ما دام في منبعه حتى لو جمع الماء في حوض، أو خزنه في إناء، فله منعه من غيره كالطعام.
ولا يجب سقي زرع الغير، لأنه ليس له من الحرمة ما للحيوان بدليل أن إطعام الحيوان عند تحقق الاضطرار واجب، ولا يجب سقي الزرع.
وهذا في الفضل عن حاجته، وحاجة عياله وماشيته وزرعه، فإن لم يفضل عن حاجته، لا يجب أن يجود على الغير به.