باب وعيد آكل الربا.
قال الله سبحانه وتعالى: ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا ) الآية.
قوله: ( يتخبطه الشيطان من المس ) المس: الجنون، أي: كما يقوم المجنون حال جنونه إذا صرع، وكل من ضربه البعير بيده، فقد خبطه وتخبطه، والخبط باليدين، والرمح بالرجلين، والزبن بالركبتين.
وقال في قوله سبحانه وتعالى: ( عطاء وشاركهم في الأموال والأولاد ) قال: الشرك في الأولاد: الزنا، وفي الأموال: الربا.
وقال الله عز وجل: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ) إلى قوله ( ولا تظلمون ) قال : هذه آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم. [ ص: 50 ] . ابن عباس
وقوله: ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) أي: فاعلموا، يقال: أذن يأذن أذنا: أي علم.
وقوله: ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) أي: بعلمه.
ويقرأ: فآذنوا أي: أعلموا من وراءكم بالحرب، وقوله تعالى: ( يمحق الله الربا ) أي: يهلكه، ويذهب ببركته.
2053 - أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا القاضي أبو منصور محمد بن عبد الله ، أنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن إبراهيم القرشي ، نا ، نا عثمان بن سعيد الدارمي ، نا موسى بن إسماعيل ، نا جرير بن حازم أبو رجاء ، عن ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة، أقبل علينا بوجهه، فقال: سمرة بن جندب
وأما الذي رأيت في البيت والتنور، فهم الزناة.
وأما الذي رأيت في نهر الدم، فذاك آكل الربا.
وأما الشيخ الذي رأيت في أصل الشجرة فذاك إبراهيم.
وأما الصبيان الذي رأيت حوله، فأولاد الناس.
وأما النار التي رأيت، والرجل يوقدها فتلك النار، وذلك مالك خازن النار.
وأما الدار الأولى التي دخلت، فدار عامة المؤمنين.
وأما هذه الدار، فدار الشهداء.
وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، ثم قالا: ارفع رأسك.
فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب، قالا: ذاك منزلك.
فقلت دعاني فلآتي منزلي.
فقالا: إنه قد بقي لك عمل لم تستكمله بعد، فلو قد استكملته أتيت منزلك " . "هل رأى أحد منكم [ ص: 51 ] الليلة رؤيا؟ فإن كان أحد رأى فيها رؤيا قصها عليه، فيقول فيها ما شاء الله، فسألنا يوما: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ فقلنا: لا. قال: لكني رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخذا بيدي، فأخرجاني إلى أرض مستوية، أو فضاء، فمررنا برجل جالس، ورجل قائم على رأسه، وبيده كلوب من حديد يدخله في شدقه، فيشقه حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتئم شدقه هذا، فيعود فيه، فيصنع به مثل ذلك، قال: قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق.فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة يشدخ رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر، فانطلق إليه ليأخذه، فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه، وعاد رأسه كما كان، فعاد إليه فضربه، فهو يفعل به ذلك، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق. فانطلقنا حتى أتينا إلى بيت قد بني بناء التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، توقد تحته نار، فإذا أوقدت ارتفعوا حتى كادوا يخرجون منها، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق. [ ص: 52 ] فانطلقنا حتى نأتي على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى شط النهر رجل قائم بين يديه حجارة، فأقبل ذلك الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج منه رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر، فرده حيث كان، فقلت لهما: ما هذا؟ قالا: انطلق. فانطلقنا حتى انتهينا إلى روضة خضراء، فيها شجرة عظيمة في أصلها شيخ وصبيان، وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يحشها ويوقدها، فصعدا بي في الشجرة فأدخلاني دارا وسط الشجرة، فلم أر دارا قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشبان، وفيها نساء وصبيان، ثم أخرجاني منها، فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا أخرى هي أحسن من الأولى وأفضل، فيها شيوخ وشباب، فقلت لهما: إنكما قد طوفتماني منذ الليلة، فأخبراني عما رأيت؟ قالا: نعم. أما الرجل الذي رأيت يشق شدقه، فإنه رجل كذاب يتحدث بالكذبة، فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فهو يصنع به ما ترى إلى يوم القيامة. وأما الرجل الذي رأيته يشدخ رأسه، فإن ذلك رجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل ولم يعمل بما فيه [ ص: 53 ] بالنهار، فهو يعمل به ما رأيت إلى يوم القيامة.
هذا حديث صحيح.
أخرجه ، عن محمد . موسى بن إسماعيل
والكلوب: هو الكلاب، والجمع كلاليب، ويروى: " فيشرشر شدقه " ، [ ص: 54 ] ومعناه: يشقه، ويقطعه.
تدهده، ويروى يتدهدى، أي: يتدحرج، ودهده ودهى أي: دحرج.
وقوله: نار يحشها أي: يوقدها.