باب الوقف.
2195 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا قتيبة بن سعيد ، نا محمد بن عبد الله الأنصاري ، أنبأني ابن عون ، عن نافع : ابن عمر أصاب أرضا عمر بن الخطاب بخيبر ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله: إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: " إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها " قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول أن ، قال: فحدثت به ، فقال: غير متأثل مالا. [ ص: 288 ] . ابن سيرين
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه ، عن مسلم ، عن محمد بن مثنى ، عن ابن أبي عدي . ابن عون
قوله: "غير متأثل مالا" أي: جامع، وكل شيء له أصل قديم، أو جمع حتى يصير له أصل، فهو مؤثل، ومجد مؤثل، وأثلة الشيء: أصله.
والعمل على هذا عند عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن بعدهم من المتقدمين، لم يختلفوا في إجازة وقف الأرضين وغيرها من المنقولات، وللمهاجرين والأنصار أوقاف بالمدينة ، وغيرها لم ينقل عن أحد منهم أنه أنكره، ولا عن واقف أنه رجع عما فعله لحاجة وغيرها.
وقال مغيرة ، عن إبراهيم : " لا حبيس إلا حبيس في سبيل الله من سلاح أو كراع " .
وفيه دليل على أن من وقف شيئا، ولم ينصب له قيما معينا يجوز، لأنه قال: لا جناح على من وليها أن يأكل منها، ولم يعين له قيما.
وفيه دليل على أنه يجوز للواقف أن ينتفع بوقفه، لأنه أباح الأكل لمن وليه، وقد يليه الواقف، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي ساق البدنة "اركبها": وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يشتري بئر رومة فيكون [ ص: 289 ] دلوه فيها كدلاء المسلمين؟ " فاشتراها عثمان ، رضي الله عنه.
ووقف دارا فكان إذا قدمها نزلها. أنس
ولو وقف شيئا وشرط أن يأكل منه الواقف أو ينتفع به، اختلفوا فيه، فقال بعضهم: يجوز، لأن عثمان تصدق ببئر رومة على أن يكون دلوه فيها كدلاء المسلمين، وقال بعضهم: إن كان وقفا خاصا على أقوام بأعيانهم، لا يجوز أن يشترط الواقف نفسه معهم، وإن كان وقفا عاما، جاز، كما لو بنى مسجدا، أو قنطرة، لا يختص بالانتفاع به قوم دون قوم فيجوز أن يكون هو كواحد منهم، لأنه لما جاز بلا شرط، فإذا شرط ذلك، فلا يرد.
ويجوز وقف المشاع، جعل نصيبه من دار ابن عمر عمر سكنى لذوي الحاجة من آل عبد الله .
وشرط الواقف مراعى في الوقف من إدخال قوم بصفة، وإخراجهم عند زوال ذلك الوصف، روي أن الزبير جعل دوره صدقة ، وقال: للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها، فإن استغنت بزوج، فلا شيء لها، أراد بالمردودة: المطلقة. [ ص: 290 ] .
قال : وفي حديث أبو عبيد الزبير من الفقه أن الرجل يجعل الدار والأرض، وقفا على قوم، ويشترط أنه يزيد فيهم من شاء، وينقص من شاء، فيجوز له ذلك، وهذا الوقف خاصة دون الصدقة النافذة الماضية، لأن حكمها يختلف، ألا ترى أن الوقف قد يجوز أن لا يخرجه صاحبه من يده، وأن الصدقة لا تكون ماضية حتى تخرج من يد صاحبها.
وقال فيمن جعل ألف دينار في سبيل الله، ودفعها إلى غلام له بأجر يتجر بها، وجعل ربحها صدقة للمساكين أو لم يجعل: ليس له أن يأكل منها. الزهري
قال أهل اللغة: إذا قال في الوصية: هذا لعقب فلان، فهو لأولاده الذكور والإناث، وللذكور والإناث من أولاد ابنه، وليس لأولاد بناته شيء، ولو قال: لولد فلان، فهو للذكور والإناث من ولد نفسه، ليس لأولاد بناته شيء، لأنهم لا ينسبون إليه.
ولو قال: لذرية فلان فهو لأولاده وأولاد بنيه وبناته من الذكور والإناث، لأن الله سبحانه وتعالى قال: ( ومن ذريته داود وسليمان ) وأدخل فيه عيسى، وكان من أولاد البنت.
ولو قال: للأرامل من ولد فلان، فهو للنساء اللاتي مات أزواجهن، ولا حظ فيه للرجال، والرجل تموت امرأته، يقال له: أيم، ولا يقال له: أرمل، ولو قال: للعزاب من أولاد فلان، يعطى للرجل الذي لا نسوان لهم، وللنساء اللواتي لا أزواج لهن. [ ص: 291 ] .