باب الرجوع في هبة الولد والتسوية بين الأولاد في النحل.
2202 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا ، أنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، عن أبو مصعب ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، وعن حميد بن عبد الرحمن بن عوف محمد بن النعمان بن بشير ، يحدثانه عن ، أنه قال: النعمان بن بشير " إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلته مثل هذا " فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فارجعه " .
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه ، عن محمد ، وأخرجه عبد الله بن يوسف ، عن مسلم يحيى .
كلاهما عن . مالك
رواه حصين ، عن ، عن الشعبي ، وقال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم النعمان بن بشير قال: فرجع فرد عطيته. [ ص: 297 ] . "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "
وقال عن داود بن أبي هند ، قال: الشعبي ثم قال: " أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذا ". " فأشهد على هذا غيري "
وقال أبو حيان عن : قال: الشعبي . "فلا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور"
والمراد من الجور: هو العدول عن التسوية.
قال الإمام: وفي هذا الحديث فوائد، منها: استحباب التسوية بين الأولاد في النحل وفي غيرها من أنواع البر حتى في القبل، ذكورا كانوا أو إناثا، حتى لا يعرض في قلب المفضول ما يمنعه من بره.
ومنها: أنه لو نحل البعض وفضله، يصح، لقوله صلى الله عليه وسلم : "أرجعه" ولو لم يصح لما احتاج إلى الرجوع.
واختلف أهل العلم في تفضيل بعض الأولاد على بعض في النحل، فذهب قوم إلى أنه مكروه، ولو فعل نفذ، وهو قول ، مالك ، والشافعي وأصحاب الرأي ، قال إبراهيم : كانوا يستحبون أن يعدلوا بين أولادهم حتى في القبل.
وذهب قوم إلى أنه لا يجوز التفضيل، ويجب التسوية بين الذكور والإناث، ولو فضل ، لا ينفذ، وهو قول ، وبه قال طاوس داود ، ولم يجوزه . سفيان الثوري
وذهب قوم إلى أن التسوية بين الأولاد أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، فإن سوى بينهما، أو فضل بعض الذكور على بعض، أو بعض الإناث على بعض، لم ينفذ، وبه قال ، وهو قول شريح ، [ ص: 298 ] أحمد وإسحاق ، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم : "إني لا أشهد على جور"، والجور مردود.
ومن أجازه قال: إنه ميل عن بعضهم إلى بعض، وعدول عن الطريق الأحسن، والفعل الأفضل، بدليل أنه قال: " فأرجعه " ولو لم يكن نافذا لما احتاج إلى الرجوع، ويدل عليه ما روينا أنه قال: "فأشهد على هذا غيري" ولو كانت باطلة لما جاز إشهاد الغير عليها.
وقد فضل أبو بكر بجداد عشرين وسقا نحلها إياها دون سائر أولاده، [ ص: 299 ] وفضل عائشة عمر بن الخطاب عاصما بشيء أعطاه إياه، وفضل عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم .
وفي الحديث دليل على أن الوالد إذا وهب لولده شيئا وسلم إليه، جاز له الرجوع فيه، وكذلك الأمهات والأجداد، فأما غير الوالدين فلا رجوع لهم فيما وهبوا وسلموا، لقوله صلى الله عليه وسلم : وهو قول "العائد في هبته كالعائد في قيئه" ، غير أن الأولى ألا يرجع إلا عن غرض ومقصود، مثل أن يريد التسوية بين الأولاد، أو إبداله بما هو أنفع للولد، وذهب قوم إلى أنه لا رجوع له فيما وهب لولده، ولا لأحد من ذوي محارمه، وله أن يرجع فيما وهب للأجانب، ما لم يثب عليه، يروى ذلك عن الشافعي ، وهو قول أحمد ، الثوري وأصحاب الرأي ، وجوز الرجوع في الهبة على الإطلاق، إذا لم يكن الموهوب قد تغير عن حاله، وقالوا جميعا: لا يرجع أحد الزوجين فيما وهب لصاحبه. مالك
قال فيمن قال لامرأته: هبي لي بعض صداقك أو كله، ثم لم يمكث إلا يسيرا حتى طلقها فرجعت فيه؟ قال: يرد إليها إن كان خلبها، وإن كانت أعطته عن طيب نفس لا خديعة فيه جاز، قال الله سبحانه وتعالى: ( الزهري فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه ) [ ص: 300 ] واحتج من جوز للأب الرجوع على الخصوص بما.