18 - كتاب العدة .
باب مقام المطلقة في البيت حتى تنقضي عدتها .
قال الله تعالى : ( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) ، وقال الله عز وجل : ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ) الوجد والجدة في المال : السعة ، والمقدرة ورجل واجد ، أي : غني ، من الوجد والجدة ، ووجد الضالة وجدانا ، ووجد السلطان عليه وجدا وموجدة ، وفلان يجد بفلانة وجدا يعني في الحب .
2384 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، القاسم بن محمد، أنه سمعهما يذكران: " أن وسليمان بن يسار، يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن [ ص: 292 ] بن الحكم البتة، فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم، فأرسلت إلى عائشة وهو أمير مروان بن الحكم المدينة، فقالت: اتق الله يا مروان، واردد المرأة إلى بيتها.
فقال مروان في حديث إن سليمان بن يسار: غلبني. عبد الرحمن
وقال في حديث القاسم: أما بلغك شأن فقالت فاطمة بنت قيس؟ لا يضرك أن لا تذكر حديث عائشة: فاطمة.
فقال مروان: إن كان بك شر فحسبك ما بين هذين من الشر ". [ ص: 293 ] .
هذا حديث صحيح، أخرجه عن محمد، إسماعيل، عن وأخرجه مالك، من طرق، عن مسلم، القاسم بن محمد.
قال رحمه الله : لم يختلف أهل العلم في أن المطلقة الرجعية تستحق النفقة ، والسكنى ، واختلفوا في المبتوتة ، فقالت طائفة : لا نفقة لها ، ولا سكنى إلا أن تكون حاملا ، روي ذلك عن وهو قول ابن عباس ، الحسن ، وعطاء بن أبي رباح ، وبه قال والشعبي ، أحمد ، وإسحاق .
وقالت طائفة : لها السكنى ، والنفقة حاملا كانت أو حائلا ، روي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وبه قال وعبد الله بن مسعود ، وإليه ذهب إبراهيم النخعي ، سفيان ، وأصحاب الرأي .
وقالت طائفة : لها السكنى بكل حال ، ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا ، وحكي ذلك عن وبه قال ابن المسيب ، وإليه ذهب الزهري ، مالك ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، وابن أبي ليلى ، وسئل والشافعي ، عن المرأة يطلقها زوجها في بيت بالكراء ، على من الكراء ؟ قال : على زوجها ، فإن لم يكن عند زوجها مال ، فعليها ، فإن لم يكن عندها ، فعلى الأمير . سعيد بن المسيب
واحتج من لم يجعل لها السكنى بما روي عن الشعبي ، أن زوجها طلقها ثلاثا ، فلم [ ص: 294 ] يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ، ولا نفقة ، وأمرها أن تعتد عند فاطمة بنت قيس عمرو ابن أم مكتوم الأعمى ، فاعتدت عنده . عن
فأما من جعل لها السكنى ، وهو قول الأكثرين ، فاختلفوا في سبب نقل فاطمة ، فروي عن أن عروة ، أنكرت ذلك على عائشة فاطمة ، وقالت : إن فاطمة كانت في مكان وحش ، فخيف على ناحيتها ، فلذلك رخص لها النبي صلى الله عليه وسلم .
وروى القاسم ، عن أنها قالت : ما عائشة ، ألا تتقي الله ؟ يعني في قولها : لا سكنى ولا نفقة . لفاطمة
وقال إنما نقلت سعيد بن المسيب ، فاطمة لطول لسانها على أحمائها .
روى عن عمرو بن ميمون بن مهران ، أبيه ، عن قال : فتنت سعيد بن المسيب ، فاطمة الناس ، كانت للسانها ذرابة ، فاستطالت على أحمائها ، فأمرها [ ص: 295 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، وروي هذا عن في معنى قوله عز وجل : ( ابن عباس ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
قال الفاحشة المبينة : أن تبذأ على أهل زوجها ، فإذا بذؤت ، فقد حل إخراجها . ابن عباس :
وقيل في تفسير الفاحشة أنها إذا زنت ، تخرج لإقامة الحد عليها ، يروى ذلك عن ابن مسعود .
وإنكار عائشة ، على وابن المسيب ، من حيث إنها كتمت السبب الذي أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في غير بيت زوجها ، وذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها نفقة ، ولا سكنى ، فيقع به السامع في فتنة ، يظن أن للمبتوتة أن تعتد حيث تشاء . فاطمة بنت قيس ،
ويجوز للمعتدة الانتقال عن بيت العدة عند الضرورة ، بأن خافت هدما ، أو غرقا ، أو حريقا ، وإن لم يكن بها ضرورة ، وأرادت الخروج لشغل ، فإن كانت رجعية ، فلا يجوز ، وإن كانت بائنة فيحوز بالنهار ، ولا يجوز بالليل ، لما روي عن أبي الزبير ، جابر ، قال : طلقت خالتي ثلاثا ، فخرجت تجد نخلا لها ، فلقيها رجل فنهاها ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اخرجي فجدي [ ص: 296 ] نخلك لعلك أن تصدقي منه ، أو تفعلي خيرا" . عن
والنخل لا يجد في غالب العرف إلا بالنهار ، وقد نهي عن جداد الليل ، وهذا قول قال : لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها . ابن عمر ،
وإلى هذا ذهب وقال الشافعي ، لا تخرج المبتوتة ليلا ولا نهارا ، كالرجعية ، وتخرج المتوفى عنها زوجها نهارا إن شاءت . أبو حنيفة :
وقال في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها : إنها تنتوي حيث ينتوي أهلها . عروة بن الزبير
قال رحمه الله : وهذا قول أهل العلم ، قال لأن سكنى أهل البادية سكنى مقام غبطة ، وظعن غبطة . الشافعي :