باب تغليظ اليمين.
2516 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل عبد الله بن محمد ، نا ، عن سفيان عمرو ، عن ، عن أبي صالح السمان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: أبي هريرة " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر، ليقتطع بها مال رجل مسلم ، ورجل منع فضل ماء، فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك " .
هذا حديث صحيح [ ص: 143 ] قيل: إنما خص بعد العصر بالذكر؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد عظم شأن هذا الوقت، فقال: ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ، فروي عن جماعة من الصحابة أن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ويجتمع فيها ملائكة الليل والنهار، وترفع فيها الأعمال التي اكتسبها العبد من أول النهار.
ومما يؤكد تعظيم حرمة هذا الوقت قول الله سبحانه وتعالى: ( تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ) قيل: أراد به صلاة العصر.
قال : ويحتمل أن يقال: إن الغالب من حال التاجر أنه إنما ينفق من ربح ربحه، أو فضل استفضله في بياض نهاره، وقد يتفق أن لا يربح ربحا وبعد العصر وقت منصرفه، فإذا اتفقت له صفقة بعد العصر، حرص على إمضائها باليمين الكاذبة، لينفق من الربح، ولا ينصرف من غير زيادة. الخطابي
قال الإمام: إذا توجه اليمين على رجل في أمر عظيم خطره من قصاص، أو عقوبة، أو نكاح، أو طلاق، أو عتاق، أو مال بلغ نصابا، فتغلظ تلك اليمين بالمكان والزمان، فالمكان أن يحلف بين الركن والمقام إن كان بمكة ، وإن كان بغيرها، فتحت المنبر في الجامع، وفي الزمان أن يحلف بعد العصر، ويخوف بالله، ويقرأ عليه قوله عز وجل: ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) ليرتدع إن كان فيها مبطلا.
قال المفسرون في قوله: ( تحبسونهما من بعد الصلاة ) ، أي: صلاة العصر على تأكيد اليمين على الحالف.
قال : وهذا قول الحكام المكيين ومفتيهم، ومن حجتهم فيه أن الشافعي رأى قوما يحلفون بين المقام، والبيت، فقال: أعلى دم؟ قالوا: لا، قال: أفعلى عظيم من [ ص: 144 ] الأمر؟ قالوا: لا، قال: لقد خشيت أن يبهأ الناس بهذا المقام. عبد الرحمن بن عوف
قال : كتبت إلى ابن أبي مليكة في جاريتين ضربت إحداهما الأخرى، فكتب: أن احبسهما بعد العصر، ثم اقرأ عليهما: ( ابن عباس إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) ففعلت، فاعترفت.
وكتاب : يحلف عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أبي بكر الصديق عثمان ردت عليه اليمين على المنبر، فاتقاها، وقال: أخاف أن يوافق قدر بلاء فيقال بيمينه. [ ص: 145 ] .