3279 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا نا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، أنا عبد الرزاق، عن معمر، أيوب، عن ابن سيرين، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا، والرؤيا ثلاثة: الرؤيا الحسنة بشرى من الله [ ص: 210 ] عز وجل، والرؤيا يحدث الرجل بها نفسه، والرؤيا تحزين من الشيطان، فإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها، فلا يحدث بها أحدا، وليقم، فليصل ". أبي هريرة، عن
قال يعجبني القيد، وأكره الغل، القيد ثبات في الدين، قال: أبو هريرة: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن مسلم، عن عبد الرزاق. محمد بن رافع،
وروى أكثر الرواة: واختلفوا في معناه، قيل: أراد به قرب زمان الساعة ودنو وقتها، كما صرح به في هذا الحديث. "إذا اقترب الزمان، أو إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب"،
ويقال للشيء إذا ولى وأدبر: تقارب يقال: تقاربت إبل فلان: إذا قلت وأدبرت، ويقال للقصير: متقارب، وقيل: معنى اقتراب الزمان: اعتداله حين يستوي الليل والنهار.
والمعبرون يقولون: أصدق الرؤيا في وقت الربيع، أو الخريف عند خروج الثمار وعند إدراكها، وهما وقتان يتقارب فيهما الزمان، ويعتدل الليل والنهار.
قالوا: ورؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار، وأصدق ساعات الرؤيا وقت السحر.
روي عن [ ص: 211 ] أبي الهيثم، يرفعه قال: "أصدق الرؤيا بالأسحار". أبي سعيد، عن
وقوله: "الرؤيا ثلاثة" فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحا، ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها.
قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان، أو يريه ما يحزنه، وله مكايد يحزن بها بني آدم، كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه: ( وهي على أنواع إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ) ، ومن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يوجب الغسل، فلا يكون له تأويل، وقد يكون ذلك من حديث النفس، كمن يكون في أمر، أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر، والعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك، وقد يكون ذلك من مزاج الطبيعة، كمن غلب عليه الدم يرى الفصد، والحجامة، والرعاف، والحمرة، والرياحين، والمزامير والنشاط ونحوها، ومن غلب عليه طبيعة الصفراء يرى النار، والشمع، والسراج، والأشياء [ ص: 212 ] الصفر، والطيران في الهواء ونحوها، ومن غلب عليه السوداء، يرى الظلمة والسواد، والأشياء السود، وصيد الوحوش، والأهوال، والأموات، والقبور، والمواضع الخربة، وكونه في مضيق لا منفذ له، أو تحت ثقل ونحو ذلك، ومن غلب عليه البلغم، يرى البياض، والمياه، والأنداء، والثلج، والجمد، والوحل ونحوها، فلا تأويل لشيء منها.