باب من وجد فرجة في الحلقة فجلس فيها .
3334 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد الشيرزي، أنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي، أنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن عن مالك بن أنس، أن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أبا مرة، مولى أخبره عقيل بن أبي طالب، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد، والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذهب واحد، قال: فلما وقفا على رسول [ ص: 299 ] الله صلى الله عليه وسلم سلما، فأما أحدهما، فرأى فرجة في الحلقة فجلس، وأما الآخر، فجلس خلفهم، وأما الثالث، فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "ألا أخبركم عن النفر الثلاثة، أما أحدهم، فأوى إلى الله تعالى، فآواه الله، وأما الآخر، فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر، فأعرض، فأعرض الله عنه". أبي واقد الليثي، عن
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن محمد، وأخرجه إسماعيل بن عبد الله، عن مسلم، كلاهما عن قتيبة، مالك.
وأبو واقد الليثي : اسمه الحارث بن عوف ، وأبو مرة مولى اسمه : أم هانئ بنت أبي طالب يزيد ، ويقال له : مولى عقيل بن أبي طالب .
قوله : فاستحيا ، فاستحيا الله منه ، قيل : معناه جازاه على استحيائه بأن ترك عقوبته على ذنوبه ، وقوله سبحانه وتعالى : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ) ، أي : لا يترك ، لأن الحياء سبب للترك .
قال الإمام : فيه بيان أن من حضر جماعة ، فوجد في الحلقة فرجة ، أو حضر الصلاة ، وفي الصف فرجة ، فالأولى أن يدخل الفرجة ، [ ص: 300 ] فإن لم يجد ، فلا يزاحمهم إلا أن يتفسحوا له ، بل يجلس حيث ينتهي به المجلس ، فقد روي عن عن أبيه ، عمرو بن شعيب ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : عبد الله بن عمرو ، " لا يحل للرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما " .
وقال كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ، جلسنا حيث ينتهي . جابر بن سمرة :
وروي عن أبي مجلز ، عن حذيفة ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة " .
وهذا يتأول على وجهين : أحدهما : أن يأتي حلقة قوم فيتخطى رقابهم ، ويقعد وسطها ، ولا يقعد حيث ينتهي به المجلس ، والثاني : أن يقعد وسط الحلقة ، فيحول بين الوجوه ، ويحجب بعضهم عن بعض ، فيتضررون . [ ص: 301 ] .