القسم الثاني
في
nindex.php?page=treesubj&link=21472شرائط وجوب العمل بخبر الواحد وما يتشعب عنها من المسائل ، أما الشروط فمنها ما لا بد منها ، ومنها ما ظن أنها شروط وليست كذلك .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=29174الشروط المعتبرة فهي أربعة :
الشرط الأول : أن
nindex.php?page=treesubj&link=21474يكون الراوي مكلفا [1] .
وذلك لأن من لا يكون مكلفا ، إما أن يكون بحيث لا يقدر على الضبط والاحتراز فيما يتحمله ويؤديه ، كالمجنون والصبي غير المميز فلا تقبل روايته
[2] لتمكن الخلل فيها .
وإما أن يكون بحيث يقدر على الضبط والمعرفة ، كالصبي المميز والمراهق الذي لم يبق بينه وبين البلوغ سوى الزمان اليسير ، فلا تقبل روايته
[3] لا لعدم ضبطه ، فإنه قادر عليه متمكن منه ، ولا لما قيل من أنه لا يقبل إقراره على نفسه ، فلا يقبل قوله على غيره بطريق الأولى ؛ لأنه منتقض بالعبد وبالمحجور عليه ، فإنه لا يقبل إقراره على نفسه وروايته مقبولة بالإجماع ، بل لأنا أجمعنا على عدم قبول
nindex.php?page=treesubj&link=21475_29170رواية الفاسق ، لاحتمال كذبه ، مع أنه يخاف الله ( تعالى ) لكونه مكلفا فاحتمال الكذب من الصبي مع أنه لا يخاف الله تعالى لعدم تكليفه يكون أظهر
[ ص: 72 ] من احتمال الكذب في حق الفاسق ، فكان أولى بالرد ، ولا يلزم من قبول قوله في إخباره أنه متطهر ، حتى إنه يصح الاقتداء به في الصلاة ، مع أن الظن بكونه متطهرا شرط في صحة الاقتداء به وقبول
[4] روايته ؛ لأن الاحتياط والتحفظ في الرواية أشد منه في الاقتداء به في الصلاة ؛ ولهذا صح الاقتداء بالفاسق عند ظن طهارته ، ولا تقبل روايته وإن ظن صدقه .
ومن قال بقبول شهادة الصبيان فيما يجري بينهم من الجنايات
[5] فإنما كان اعتماده في ذلك على أن الجنايات فيما بينهم مما تكثر ، وأن الحاجة ماسة إلى معرفة ذلك بالقرائن ، وهي شهادتهم مع كثرتهم قبل تفرقهم ، وليس ذلك جاريا على منهاج الشهادة ولا الرواية
[6] .
وهذا بخلاف ما إذا تحمل الرواية قبل البلوغ ، وكان ضابطا لها ، وأداها بعد البلوغ وظهور رشده في دينه ، فإنها تكون مقبولة ؛ لأنه لا خلل في تحمله ولا في أدائه ، ويدل على قبول روايته الإجماع والمعقول .
أما الإجماع فمن وجهين :
الأول : أن الصحابة أجمعت على قبول رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=114والنعمان بن بشير وغيرهم من أحداث الصحابة مطلقا ، من غير فرق بين ما تحملوه في حالة الصغر وبعد البلوغ .
الثاني : إجماع السلف والخلف على مجالس الحديث وقبول روايتهم لما تحملوه في حالة الصبا بعد البلوغ .
وأما المعقول ، فهو أن التحرز في أمر الشهادة أكثر منه في الرواية ، ولهذا اختلف في قبول شهادة العبد ، والأكثر على ردها .
ولم يختلف في قبول
nindex.php?page=treesubj&link=21474رواية العبد ، واعتبر العدد في الشهادة
[7] بالإجماع واختلف في اعتباره في الرواية .
وقد أجمعنا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=21474ما تحمله الصبي من الشهادة قبل البلوغ ، إذا شهد به بعد البلوغ قبلت شهادته ، فالرواية أولى بالقبول .
الْقِسْمُ الثَّانِي
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=21472شَرَائِطِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَمَا يَتَشَعَّبُ عَنْهَا مِنَ الْمَسَائِلِ ، أَمَّا الشُّرُوطُ فَمِنْهَا مَا لَا بُدَّ مِنْهَا ، وَمِنْهَا مَا ظُنَّ أَنَّهَا شُرُوطٌ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29174الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ :
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ : أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21474يَكُونَ الرَّاوِي مُكَلَّفًا [1] .
وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ لَا يَكُونُ مُكَلَّفًا ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الضَّبْطِ وَالِاحْتِرَازِ فِيمَا يَتَحَمَّلُهُ وَيُؤَدِّيهِ ، كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ
[2] لِتَمَكُّنِ الْخَلَلِ فِيهَا .
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الضَّبْطِ وَالْمَعْرِفَةِ ، كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمُرَاهِقِ الَّذِي لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُلُوغِ سِوَى الزَّمَانِ الْيَسِيرِ ، فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ
[3] لَا لِعَدَمِ ضَبْطِهِ ، فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ ، وَلَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقِضٌ بِالْعَبْدِ وَبِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَرِوَايَتُهُ مَقْبُولَةٌ بِالْإِجْمَاعِ ، بَلْ لِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ قَبُولِ
nindex.php?page=treesubj&link=21475_29170رِوَايَةِ الْفَاسِقِ ، لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ ، مَعَ أَنَّهُ يَخَافُ اللَّهَ ( تَعَالَى ) لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا فَاحْتِمَالُ الْكَذِبِ مِنَ الصَّبِيِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ يَكُونُ أَظْهَرَ
[ ص: 72 ] مِنِ احْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي حَقِّ الْفَاسِقِ ، فَكَانَ أَوْلَى بِالرَّدِّ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي إِخْبَارِهِ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ ، حَتَّى إِنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ ، مَعَ أَنَّ الظَّنَّ بِكَوْنِهِ مُتَطَهِّرًا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَقَبُولِ
[4] رِوَايَتِهِ ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ وَالتَّحَفُّظَ فِي الرِّوَايَةِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ ؛ وَلِهَذَا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِالْفَاسِقِ عِنْدَ ظَنِّ طَهَارَتِهِ ، وَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَإِنْ ظُنَّ صِدْقُهُ .
وَمَنْ قَالَ بِقَبُولِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِنَايَاتِ
[5] فَإِنَّمَا كَانَ اعْتِمَادُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْجِنَايَاتِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِمَّا تَكْثُرُ ، وَأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ ، وَهِيَ شَهَادَتُهُمْ مَعَ كَثْرَتِهِمْ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ جَارِيًا عَلَى مِنْهَاجِ الشَّهَادَةِ وَلَا الرِّوَايَةِ
[6] .
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا تَحَمَّلَ الرِّوَايَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ ، وَكَانَ ضَابِطًا لَهَا ، وَأَدَّاهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَظُهُورِ رُشْدِهِ فِي دِينِهِ ، فَإِنَّهَا تَكُونُ مَقْبُولَةً ؛ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي تَحَمُّلِهِ وَلَا فِي أَدَائِهِ ، وَيَدُلُّ عَلَى قَبُولِ رِوَايَتِهِ الْإِجْمَاعُ وَالْمَعْقُولُ .
أَمَّا الْإِجْمَاعُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ nindex.php?page=showalam&ids=114وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ مُطْلَقًا ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا تَحَمَّلُوهُ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ .
الثَّانِي : إِجْمَاعُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى مَجَالِسِ الْحَدِيثِ وَقَبُولِ رِوَايَتِهِمْ لِمَا تَحَمَّلُوهُ فِي حَالَةِ الصِّبَا بَعْدَ الْبُلُوغِ .
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ ، فَهُوَ أَنَّ التَّحَرُّزَ فِي أَمْرِ الشَّهَادَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الرِّوَايَةِ ، وَلِهَذَا اخْتُلِفَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى رَدِّهَا .
وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي قَبُولِ
nindex.php?page=treesubj&link=21474رِوَايَةِ الْعَبْدِ ، وَاعْتُبِرَ الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ
[7] بِالْإِجْمَاعِ وَاخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِهِ فِي الرِّوَايَةِ .
وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21474مَا تَحَمَّلَهُ الصَّبِيُّ مِنَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ، إِذَا شَهِدَ بِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ، فَالرِّوَايَةُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ .