[ ص: 22 ] المسألة السابعة
nindex.php?page=treesubj&link=21318اللفظ الوارد من جهة الشارع إذا أمكن حمله على حكم شرعي مجدد ، وأمكن حمله على الموضوع اللغوي اختلفوا فيه .
فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : إلى أنه مجمل لتردده بين الاحتمالين من غير مزية ، وذهب غيره : إلى أنه ظاهر في الحكم الشرعي ، وهو المختار .
وذلك مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355285الطواف بالبيت صلاة "
[1] فإنه يحتمل أنه أراد به أنه كالصلاة حكما في الافتقار إلى الطهارة ، ويحتمل أنه أراد به أنه مشتمل على الدعاء الذي هو صلاة لغة ، وكقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355156الاثنان فما فوقهما جماعة "
[2] فإنه يحتمل أنه أراد به أنهما جماعة حقيقة ، ويحتمل أنه أراد به انعقاد الجماعة بهما وحصول فضيلتها ، وإنما قلنا بكونه ظاهرا في الحكم الشرعي للإجمال والتفصيل : أما الإجمال فما ذكرناه فيما تقدم .
وأما التفصيل فهو أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث لتعريف الأحكام الشرعية ، التي لا تعرف إلا من جهته لا لتعريف ما هو معروف لأهل اللغة : فوجب حمل اللفظ عليه لما فيه من موافقة مقصود البعثة .
[ ص: 23 ] فإن قيل : ما ذكرتموه من الترجيح مقابل بمثله ، وبيانه أن حمل اللفظ على الحكم الشرعي المجدد مخالف للنفي الأصلي ، بخلاف الحمل على الموضوع الأصلي .
قلنا : إلا أنا لو حملناه على تعريف الموضوع اللغوي كانت فائدة لفظ الشارع التأكيد بتعريف ما هو معروف لنا ، ولو حملناه على تعريف الحكم الشرعي كانت فائدته التأسيس وتعريف ما ليس معروفا لنا ، وفائدة التأسيس أصل ، وفائدة التأكيد تبع ، فكان حمله على التأسيس أولى .
[ ص: 22 ] الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=21318اللَّفْظُ الْوَارِدُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ مُجَدَّدٍ ، وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَوْضُوعِ اللُّغَوِيِّ اخْتَلَفُوا فِيهِ .
فَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ : إِلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ مَزِيَّةٍ ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ : إِلَى أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ .
وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355285الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ "
[1] فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ كَالصَّلَاةِ حُكْمًا فِي الِافْتِقَارِ إِلَى الطَّهَارَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ صَلَاةٌ لُغَةً ، وَكَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355156الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ "
[2] فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمَا جَمَاعَةٌ حَقِيقَةٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ انْعِقَادَ الْجَمَاعَةِ بِهِمَا وَحُصُولَ فَضِيلَتِهَا ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِكَوْنِهِ ظَاهِرًا فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِلْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ : أَمَّا الْإِجْمَالُ فَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ .
وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا بُعِثَ لِتَعْرِيفِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، الَّتِي لَا تُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ لَا لِتَعْرِيفِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ اللُّغَةِ : فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ مَقْصُودِ الْبَعْثَةِ .
[ ص: 23 ] فَإِنْ قِيلَ : مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ التَّرْجِيحِ مُقَابَلٌ بِمِثْلِهِ ، وَبَيَانُهُ أَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُجَدَّدِ مُخَالِفٌ لِلنَّفْيِ الْأَصْلِيِّ ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ عَلَى الْمَوْضُوعِ الْأَصْلِيِّ .
قُلْنَا : إِلَّا أَنَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمَوْضُوعِ اللُّغَوِيِّ كَانَتْ فَائِدَةُ لَفْظِ الشَّارِعِ التَّأْكِيدَ بِتَعْرِيفِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ لَنَا ، وَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ كَانَتْ فَائِدَتُهُ التَّأْسِيسَ وَتَعْرِيفَ مَا لَيْسَ مَعْرُوفًا لَنَا ، وَفَائِدَةُ التَّأْسِيسِ أَصْلٌ ، وَفَائِدَةُ التَّأْكِيدِ تَبَعٌ ، فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْلَى .