[ ص: 64 ] القسم الثاني في دلالة غير المنظوم
وهو ما دلالته لا بصريح صيغته ووضعه ، وذلك لا يخلو : إما أن يكون مدلوله مقصودا للمتكلم ، أو غير مقصود : فإن كان مقصودا ، فلا يخلو ، إما أن يتوقف صدق المتكلم أو صحة الملفوظ به عليه ، أو لا يتوقف ، فإن توقف فدلالة اللفظ عليه تسمى دلالة الاقتضاء ، وإن لم يتوقف فلا يخلو ، إما أن يكون مفهوما في محل تناوله اللفظ نطقا أولا فيه ، فإن كان الأول : فتسمى دلالته دلالة التنبيه والإيماء ، وإن كان الثاني فتسمى دلالته دلالة المفهوم .
وأما إن كان مدلوله غير مقصود للمتكلم ، فدلالة اللفظ عليه تسمى دلالة الإشارة .
فهذه أربعة أنواع :
النوع الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=20797دلالة الاقتضاء
وهي ما كان المدلول فيه مضمرا ، إما لضرورة صدق المتكلم ، وإما لصحة وقوع الملفوظ به .
فإن كان الأول : فهو كقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355109رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " وقوله - عليه السلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355282لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " ، وقوله - عليه السلام - : "
لا عمل إلا بنية "
[1] فإن رفع الصوم والخطأ والعمل مع تحققه ممتنع ، فلا بد من إضمار نفي حكم يمكن نفيه ، كنفي المؤاخذة والعقاب في الخبر الأول ، ونفي الصحة أو الكمال في الخبر الثاني ، ونفي الفائدة والجدوى في الخبر الثالث ضرورة صدق الخبر .
[ ص: 65 ] وأما إن كان لصحة الملفوظ به ، فإما أن تتوقف صحته عليه عقلا أو شرعا .
فإن كان الأول : فكقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية ) فإنه لا بد من إضمار أهل القرية لصحة الملفوظ به عقلا .
[2] وإن كان الثاني فكقول القائل لغيره : ( أعتق عبدك عني على ألف ) فإنه يستدعي تقدير سابقة انتقال الملك إليه ضرورة توقف العتق الشرعي عليه .
[ ص: 64 ] الْقِسْمُ الثَّانِي فِي دَلَالَةِ غَيْرِ الْمَنْظُومِ
وَهُوَ مَا دَلَالَتُهُ لَا بِصَرِيحِ صِيغَتِهِ وَوَضْعِهِ ، وَذَلِكَ لَا يَخْلُو : إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهُ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ ، أَوْ غَيْرَ مَقْصُودٍ : فَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا ، فَلَا يَخْلُو ، إِمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ صِحَّةُ الْمَلْفُوظِ بِهِ عَلَيْهِ ، أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ ، فَإِنْ تَوَقَّفَ فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ تُسَمَّى دَلَالَةَ الِاقْتِضَاءِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا يَخْلُو ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْهُومًا فِي مَحَلِّ تَنَاوُلِهِ اللَّفْظَ نُطْقًا أَوَّلًا فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ : فَتُسَمَّى دَلَالَتَهُ دَلَالَةَ التَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَتُسَمَّى دَلَالَتَهُ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ .
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مَدْلُولُهُ غَيْرَ مَقْصُودٍ لِلْمُتَكَلِّمِ ، فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ تُسَمَّى دَلَالَةَ الْإِشَارَةِ .
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ :
النَّوْعُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=20797دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ
وَهِيَ مَا كَانَ الْمَدْلُولُ فِيهِ مُضْمَرًا ، إِمَّا لِضَرُورَةِ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَإِمَّا لِصِحَّةِ وُقُوعِ الْمَلْفُوظِ بِهِ .
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ : فَهُوَ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355109رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10355282لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ " ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ "
[1] فَإِنَّ رَفْعَ الصَّوْمِ وَالْخَطَأِ وَالْعَمَلِ مَعَ تَحَقُّقِهِ مُمْتَنِعٌ ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارِ نَفْيِ حُكْمٍ يُمْكِنُ نَفْيُهُ ، كَنَفْيِ الْمُؤَاخَذَةِ وَالْعِقَابِ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ ، وَنَفْيِ الصِّحَّةِ أَوِ الْكَمَالِ فِي الْخَبَرِ الثَّانِي ، وَنَفْيِ الْفَائِدَةِ وَالْجَدْوَى فِي الْخَبَرِ الثَّالِثِ ضَرُورَةَ صِدْقِ الْخَبَرِ .
[ ص: 65 ] وَأَمَّا إِنْ كَانَ لِصِحَّةِ الْمَلْفُوظِ بِهِ ، فَإِمَّا أَنْ تَتَوَقَّفَ صِحَّتُهُ عَلَيْهِ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا .
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ : فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لِصِحَّةِ الْمَلْفُوظِ بِهِ عَقْلًا .
[2] وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَكَقَوْلِ الْقَائِلِ لِغَيْرِهِ : ( أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ ) فَإِنَّهُ يَسْتَدْعِي تَقْدِيرَ سَابِقَةِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ ضَرُورَةَ تَوَقُّفِ الْعِتْقِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ .