[ ص: 81 ] الاعتراض السادس ، منع وجود العلة في الأصل
ولكون النظر في علة الأصل متفرعا عن حكم الأصل ؛ وجب تأخيره عن النظر في حكم الأصل وعن التقسيم لما ذكرناه في السؤال الذي قبله .
ومثاله : ما لو قال في مسألة جلد الكلب مثلا : حيوان يغسل الإناء من ولوغه سبعا فلا يطهر جلده بالدباغ كالخنزير ، فيقول الخصم : لا أسلم وجوب الشافعي سبعا . غسل الإناء من ولوغ الخنزير
وجوابه بذكر ما يدل على وجوده من العقل أو الحس أو الشرع على حسب حال الوصف في كل مسألة ، أو أن يفسر لفظه بما لا يمكن الخصم منعه ، وإن كان احتمال اللفظ له بعيدا ، وذلك كما لو قال في المثال المذكور : أعني به ما إذا لم يغلب على ظنه الطهارة .
وإن فسر لفظه بما له وجود في الأصل ، غير أن لفظه لا يحتمله لغة .
فالمختار أنه لا يقبل وإن ذهب إلى قبوله بعض المتأخرين ؛ وذلك لأن وضع اللفظ إنما كان لقصد تحصيل المعنى منه وأن يعرف كل أحد ما في ضميره لغيره بواسطة اللفظ المستعمل ، وذلك مشروط بضبط الوضع ضبطا يمتنع معه دخول الزيادة والنقصان ، وإذا قبل من كل أحد تفسير لفظه بما لا يحتمله لغة حالة عجزه عن تقرير كلامه ، أفضى ذلك إلى اضطراب اللغة وإبطال فائدة وضعها ، كيف وإن إطلاقه لذلك اللفظ دليل ظاهر على إرادة مدلوله ، وعدوله عند المنع مشعر بالانقطاع في تقريره ؟ !