الاعتراض التاسع عشر
، إما بنص أو إجماع ظاهر أو بوجود مانع الحكم أو بفوات شرط الحكم ، ولا بد من بيان تحققه وطريق كونه مانعا أو شرطا على نحو طريق إثبات المستدل كون الوصف الذي علل به من التأثير أو الاستنباط . المعارضة في الفرع بما يقتضي نقيض حكم المستدل
وقد اختلف في قبوله ، [1] فمنع منه قوم تمسكا منهم بأن المعارضة استدلال وبناء ، وحق المعترض أن يكون هادما لا بانيا .
[ ص: 102 ] وقبله الأكثرون وهو المختار ، إذ يلزم منه هدم ما بناه المستدل لمقاومة دليله لدليله ، ولا حجر عليه في سلوك طرق الهدم ولا سيما إذا تعين ذلك طريقا في الهدم بأن لم يكن له هادم سواه ، فلو لم يقبل منه لبطل مقصود المناظرة ، واختلت فائدة البحث والاجتهاد .
والوجه في جوابه عند توجهه أن يقدح فيه المستدل بكل ما للمعترض أن يقدح به فيه ، أن لو كان المستدل متمسكا به ، وإن عجز عن جميع ذلك فقد اختلفوا في جواز دفعه بالترجيح .
فمنهم من لم يجوز ذلك اعتمادا منهم على أن ما ذكره المعترض - وإن كان مرجوحا بالنسبة إلى ما ذكره المستدل - فلا يخرج بذلك عن كونه اعتراضا .
ومنهم من جوزه وهو المختار ؛ لأنه مهما ترجح ما ذكره المستدل بوجه من وجوه الترجيحات الآتية ، كان العمل به متعينا .
وهل يجب على المستدل أن يذكر في دليله ما يومئ إلى الترجيح ؟
منهم من أوجبه لتوقف العمل بالدليل عليه فكان من الدليل ، فلو لم يذكره لم يكن ذاكرا للدليل أولا ، بل لبعضه .
ومنهم من لم يوجبه ؛ لما في التكليف به من الحرج والمشقة .
والمختار أن يقال : إما أن يكون ما به الترجيح يرجع إلى العلة بأن يكون وصفا من أوصافها أو لا يكون كذلك ، فإن كان الأول : فلا بد من ذكره في الدليل أولا ليكون ذاكرا للدليل .
وإن كان الثاني : فلا ؛ لأنه مسئول عن الدليل وقد أتى بمسماه حقيقة ، والترجيح بأمر خارج عن الدليل إنما هو من توابع ورود المعارضة ، فذكره بعد المعارضة وإن توقف عليه إعمال الدليل بدفع المعارض [2] لا يوجب أن يكون داخلا في مسمى الدليل ، حتى يقال إنه لم يكن ذاكرا للدليل أولا .