[  6660  ] أخبرنا  علي بن أحمد بن عبدان  ، أخبرنا  أحمد بن عبيد الصفار  ، حدثنا هشام بن علي  ، حدثنا  ابن رجاء  ، حدثنا همام  ، عن إسحاق  ، عن أبي المنذر البراد  ، عن  أبي أمية  رجل من الأنصار  أن سارقا سرق متاعا فوجدوا معه المتاع فاعترف به ، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لا إخالك سرقت " قال : نعم ، قالها ثلاث مرات فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع ، فلما قطع قال : " تب إلى الله تعالى " قال : أتوب إلى الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم تب عليه "  . 
قلت : هذا السارق باعترافه وجب عليه رد المتاع على صاحبه ، ولو رجع عن الإقرار سقط عنه القطع لما ورد من التحقيق في حقوق الله عز وجل ، فلما لم يرجع قطع ، وأمره بالتوبة من الذنب ودعا له ، وقد وردت أخبار في أن الحدود كفارات ، وكأنها إنما تكون كفارات إذا تاب صاحبها بهذا الخبر وغيره ، وبالله التوفيق . 
 [ ص: 280 ] قال  الحليمي  رحمه الله : وإن الذنب من مظالم العباد فلا تصح التوبة منه إلا بأداء الواجب عينا كان أو دينا ، ما دام مقدورا عليه ، فإن لم يكن مقدورا عليه فالعزم على أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقته وأسرعه ، وتصح التوبة من كبيرة  يتوب عنها دون أخرى من غير جنسها لم يتب عنها ، كما لا تصح إقامة الحد عليه لأجلها ، وإن كان عليه حد آخر من غير جنسه . 
وإذا تاب العبد فليس بواجب على الله - جل جلاله - أن يقبل توبته ، ولكنه لما أخبر عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ولم يجز أن يخلف وعده ، علمنا أنه لا يرد التوبة الصحيحة على صاحبها فضلا منه ، ولا يجب لعباده عليه شيء بحال فليس هو تحت أمر آمر ولا نهي ناه فيلزمه شيء . 
وقوله : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة   ) ، وقوله : ( كان على ربك حتما مقضيا   ) ، فمعناه : أنه لما قضى ذلك وأخبر به ، فهو يفعله ، ولا يخلف وعده . 
وقوله : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب   ) . 
فمعناه : إنما التوبة التي وعد الله قبولها وهو لا يخلف وعده فالقبول منه واقع لا محالة ، كما يقع الفعل الواجب ممن وجب عليه . 
وقوله : ( ثم يتوبون من قريب   ) . 
فما قبل الموت قريب ، قال الله عز وجل في القيامة : ( عسى أن يكون قريبا   ) . 
فإذا كان أجل الجميع قريبا ، كذلك أجل كل واحد قريب وبيانه فيما . 
 [ ص: 281 ] 
				
						
						
