قال فكان أبو عبد الله : من [ ص: 838 ] النوافل ، وفضيلة ، وهو من الإيمان ، وهذه الأشياء التي ذكرناها هي الحياء الذي حمل هؤلاء على هذه الأفعال غير فرض عليهم ، ولكنه نافلة على ما في قلبه ، وجوارحه . علامات الحياء الذي يهيجه ذكر اطلاع الله تعالى
وأما عما يسائله إذا سأله عن جميع أعماله التي عملها : لمن عملها ؟ ويورثه الاستعداد بالاعتذار ، كيف يعتذر من ارتكابه لما نهاه عنه ، ولمن تاب ؟ وما أراد بالتوبة ؟ وما أراد بالنوافل ؟ ولمن عملها ؟ فإذا أراد الاستعداد لهذه الأمور تطهر من الأدناس ، وكمل الفروض ، فأداها كاملة ، وأخلص الطاعات بصدق لا يشوبه رياء ، وإنما يعد الجواب لمن لا تخفى عليه خافية ، وأعلم بسره ، وعلانيته من نفسه ، قال الله تعالى : ( الحياء الذي يهيج عن ذكر الوقوف بين يدي الله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يورث الاستعداد لجواب الله تعالى ، فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ) .
وقال تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تزول قدما عبد من بين يدي الله حتى يسأله عن شبابه فيما أبلاه ؟ وعمره فيما [ ص: 839 ] أفناه ؟ وماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ، وعلمه ماذا عمل فيه " .