8 - (  42  ) : وروى  الثوري ،  هذا الخبر مرسلا غير مسند ، حدثنا  أبو موسى محمد بن المثنى ،  قال : ثنا  عبد الرحمن بن مهدي ،  قال : ثنا سفيان ،  عن  حبيب بن أبي ثابت ،  عن عطاء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " لا يقبح الوجه ، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن " .  
 [ ص: 87 ] قال  أبو بكر :  وقد افتتن بهذه اللفظة التي في خبر  عطاء ،  عالم ممن لم يتحر العلم ، وتوهموا أن إضافة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر من إضافة صفات الذات ، فغلطوا في هذا غلطا بينا ، وقالوا مقالة شنيعة مضاهية لقول المشبهة ، أعاذنا الله وكل المسلمين من قولهم . 
والذي عندي - في تأويل هذا الخبر - إن صح من جهة النقل موصولا : فإن في الخبر عللا ثلاثا : 
، إحداهن : أن  الثوري  قد خالف  الأعمش  في إسناده ، فأرسل  الثوري  ولم يقل : عن  ابن عمر   . 
والثانية : أن  الأعمش  مدلس ، لم يذكر أنه سمعه من  حبيب بن أبي ثابت .  
والثالثة : أن  حبيب بن أبي ثابت :  أيضا مدلس ، لم يعلم أنه سمعه من  عطاء ،  سمعت إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد  يقول : ثنا  أبو بكر بن عياش ،  عن  الأعمش  قال : قال حبيب بن أبي  ثابت : لو حدثني رجل عنك بحديث لم أبال (أن أرويه عنك ، يريد لم أبال أن أدلسه . 
قال أبو بكر : ومثل هذا الخبر) ، لا يكاد يحتج به علماؤنا من أهل الأثر ، لا سيما : إذا كان الخبر في مثل هذا الجنس ، فيما يوجب العلم لو ثبت ، ولا فيما يوجب العمل بما قد يستدل على صحته وثبوته بدلائل من نظر ، وتشبيه ، وتمثيل بغيره من سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق الأحكام والفقه . 
فإن صح هذا الخبر مسندا - بأن يكون  الأعمش  قد سمعه من  حبيب بن  [ ص: 88 ] أبي ثابت ،  وحبيب قد سمعه من  عطاء بن أبي رباح  ، وصح أنه عن  ابن عمر   - على ما رواه  الأعمش   - فمعنى هذا الخبر عندنا أن إضافة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر ، إنما هو من إضافة الخلق إليه ؛  [ ص: 89 ]  [ ص: 90 ]  [ ص: 91 ] لأن الخلق يضاف إلى الرحمن ، إذ الله خلقه ، وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن ، لأن الله صورها ، ألم تسمع قوله - عز وجل - : هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه  ، فأضاف الله الخلق إلى نفسه ، إذ الله تولى خلقه ، وكذلك قول الله - عز وجل - : هذه ناقة الله لكم آية  ، فأضاف الله الناقة إلى نفسه ، وقال : تأكل في أرض الله  ، وقال : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها  ، قال : إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده   . 
 [ ص: 92 ] فأضاف الله الأرض إلى نفسه ، إذ الله تولى خلقها فبسطها ، وقال : فطرت الله التي فطر الناس عليها  ، فأضاف الله الفطرة إلى نفسه إذ الله فطر الناس عليها ، فما أضاف الله إلى نفسه على معنيين :  
أحدهما : إضافة الذات . 
والآخر : إضافة الخلق . 
فتفهموا هذين المعنيين ، لا تغالطوا فمعنى الخبر إن صح من طريق النقل مسندا ، فإن ابن آدم : خلق على الصورة التي خلقها الرحمن ، حين صور آدم ، ثم نفخ فيه الروح ، قال الله - جل وعلا - : ولقد خلقناكم ثم صورناكم  والدليل على صحة هذا التأويل . 
				
						
						
