الذين هم على صلاتهم دائمون ) تأويل قول الله - عز وجل - : (
قال الله - عز وجل - : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) ذهب قوم إلى أن المراد [ ص: 237 ] بهذا هو المحافظة على الصلوات المكتوبات ، وقالوا : هذا كقوله - عز وجل - : ( والذين هم على صلاتهم يحافظون ) . ورووا ذلك عن إبراهيم النخعي .
460 - حدثنا قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا الفريابي ، سفيان ، عن عن منصور ، إبراهيم ، في قوله - عز وجل - : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) ، قال : المكتوبة .
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن المراد بهذا هو الإقبال على الصلاة ، ما كان المصلي فيها لا يخلط ذلك بالتفات عن يمينه ولا عن شماله ، ولا باشتغال بغيرها . ورووا ذلك عن عقبة بن عامر الجهني .
461 - حدثنا قال : حدثنا عمي أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثني عبد الله بن وهب ، حيوة ، عن وابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : أبي الخير ، عن قول الله - عز وجل - : ( عقبة بن عامر الذين هم على صلاتهم دائمون ) أهم الذين لا يفترون ؟ قال : " هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا خلفهم ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم " . سألت
462 - حدثنا قال : حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة ، قال حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدثنا بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، ابن حسان ، أن حدثه ، عن أبا الخير فيما أعلم ، أنه عقبة بن عامر الذين هم على صلاتهم دائمون ) . سأل عن قول الله - عز وجل - : (
قال : " هو الرجل القائم ، لا يلتفت يمينا ولا شمالا " .
وكأن هذا التأويل أشبه بالآية ، وأشبه بظاهرها من الأول ، لأنه قد ذكر فيها الديمومة على الصلاة ، فلو كانت المحافظة على الصلاة لم يكن المحافظ على الصلوات مداوما للصلوات ، لأنه يقطعها بخروجه منها ، وليست الديمومة كذلك ، لأنه لا تكون الديمومة بحال إلا بغير انقطاع يحدث فيها قبل آخرها .
ومن ذلك ما قد قال غير واحد من أهل العلم في رجل ، قال : والله لا كلمت فلانا ما دام في هذه الدار ، فخرج منها ، أن يمينه قد بطلت وأنه إن عاد إلى الدار فكان فيها ، ثم كلمه لم يحنث لأن ديمومته فيها قد انقطعت بخروجه منها .
ولو قال : والله لا كلمته ما كان فيها وكان فيها ، ثم خرج عنها ، ثم عاد إليها ، ثم كلمه حنث في يمينه ، لأنه قد تكون كينونة بعد كينونة ، ولا تكون ديمومة بعد انقطاع ، ولأن معنى الديمومة معنى ما دام ، لا معنى ما انقطع [ ص: 238 ] .
كذلك كان أبو حنيفة ، يقولانه في المسألتين ، وكانت الديمومة في الصلاة قد تكون ديمومة ما كانت الصلاة ولا تنقطع إلا بآخرها الذي يكون مع انقطاع الصلاة ، وكان هذا التأويل فيه ديمومة مقدورا عليها ، وكان أولى التأويلين بها . وأبو يوسف ،