وقد قال قوم من المتأخرين ممن ينسب إلى التأويل : أن المراد بهذه الآية الاستماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما كان يتلوه على الناس من القرآن الذي كان ينزل عليه صلى الله عليه وسلم ، ليحفظوه ويعوه عنه ، ولم نجد له متقدما في هذا التأويل .
وما روي عن المتقدمين في هذا أولى ، ولا سيما عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحب إلينا إذ كانوا يتعلمون التأويل مع تعلمهم القرآن ، فمن ذلك ما روي عن ابن مسعود ، وابن عمر .
480 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا قال : حدثني عبد الله بن صالح ، عن شريك بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه - ، قال : " ابن مسعود - " . كنا نتعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات ، فما نتعلم العشر بعدهن حتى نتعلم ما أنزل في هذا العشر من العمل
481 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا قال : حدثنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، القاسم بن عوف ، قال : سمعت يقول : " لقد عشنا برهة من دهر وأحدنا يرى الإيمان قبل القرآن ، عبد الله بن عمر ، محمد - صلى الله عليه وسلم - فنتعلم حلالها وحرامها ، وأمرها وزاجرها ، وما ينبغي أن نوقف عنده منها ، كما تعلمون أنتم اليوم القرآن . وتنزل السورة على
ثم لقد رأيت اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ، ولا يدري ما أمره ولا زاجره ، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه وينثره نثر الدقل " .
وكان ما روينا ، عن رضي الله عنه - في تأويل هذه الآية مما قد ذكر بسبب نزول الآثار ، لأنها لاحتمالها ذلك ، ولو وجدنا للقول الذي حكيناه عن هؤلاء المتأخرين إماما [ ص: 246 ] جوز تقليده ذلك وحكايته عنه ، لكان هذا التأويل الذي ذهبنا إليه أشبه وأولى بها ، إذ كان أبي هريرة - ، أبو هريرة ومجاهد ، قد ذكرا السبب الذي فيه نزلت وإن كانا قد اختلفا فيه ، فقال كل واحد منهما فيه ما رويناه عنه في هذا الباب ، فإنهما لم يختلفا في أن المراد بالآية الصلاة ، وقد شد ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
482 - حدثنا قال : حدثنا ابن أبي داود ، الحسين بن عبد الأول الأحول ، قال : حدثنا قال : حدثنا سليمان بن حيان ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، أبي صالح ، رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا قرأ فأنصتوا " أبي هريرة - عن وكما .
483 - حدثنا نصر بن محمد ، قال : حدثنا قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، فذكر بإسناده مثله . سليمان بن حيان ،
وقد روى أبو موسى ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما : وأبو هريرة ،
484 - حدثنا ابن أبي عمران ، قال : حدثنا قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي ، عن أبيه ، عن المعتمر بن سليمان ، عن قتادة ، أبي غلاب يونس بن جبير ، عن حطان بن عبد الله الرواشي ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " أبي موسى ، " . إذا قرأ الإمام فأنصتوا
485 - ما حدثنا أحمد بن سعيد بن شاهين البغدادي ، قال : حدثنا قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن سليمان التيمي ، عن قتادة ، أبي غلاب ، عن حطان بن عبد الله ، قال : صلينا مع رضي الله عنه - ، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أبي موسى الأشعري - . إذا كبر الإمام فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا "
ففي هذين الحديثين يثبت قول من ذهب من أهل العلم إلى ترك فيما جهر فيه الإمام وفيما أسر وممن كان ذهب منهم إلى هذا القول القراءة في الصلاة خلف الإمام أبو حنيفة ، والثوري ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، [ ص: 247 ] .
وقد كان رحمه الله في كثير من أهل مالك المدينة يذهبون في ذلك إلى أن المأمومين يقرؤون خلف الإمام فيما أسر فيه بالقراءة ، ولا يقرؤون خلفه فيما جهر .
وقد كان رحمه الله في آخرين من أهل العلم يذهبون إلى أن المأمومين في ذلك كله يقرؤون خلف الإمام بفاتحة الكتاب لا بما سواها . الشافعي