فإن قال قائل : أفهو مالك لما في يده كما يقول  مالك بن أنس  وأصحابه في ذلك ؟ قيل : ليس هو مالك لما في يده . 
فإن قال : وما يمنعه من الملك لما في يده وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من باع عبدا له مال فماله للبائع لا أن يشترط المبتاع " وذكر في ذلك ما : 
 548  - قد حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  قال : أخبرني  يونس بن يزيد ،  والليث ،  عن  ابن شهاب ،  عن  سالم بن عبد الله ،  عن أبيه ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : " من باع عبدا فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع " .  
 549  - وما قد حدثناه  إسماعيل بن يحيى المزني ،  قال : حدثنا  الشافعي ،  قال : حدثنا  سفيان بن عيينة ،  عن  الزهري ،  عن سالم ،  عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " من باع عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع " .   [ ص: 278 ]  . 
قالوا : وقد روي ذلك عن  عمر بن الخطاب  أيضا ، فذكروا ما : 
 550  - قد حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا  أخبره ، عن  نافع ،  عن  ابن عمر ،  أن  عمر ،  قال : " من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع   " . 
قالوا : فجعل العبد في هذين الحديثين ذا مال . 
قيل لهم : بل في هذين الحديثين ما قد نفى ملك العبد للمال الذي في يده ؛ لأن فيهما ، فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ، فقد جعل ما أضيف إلى العبد فيهما للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ، فيكون له دون العبد . 
فعقلنا بذلك أنه قد جعل ما أضيف إلى العبد فيما لا حقيقة ملك فيه للعبد ، وأنه كالباب المضاف إلى الدار الذي يقال له : باب الدار ، وكالحبل المضاف إلى الدابة الذي يقال له : حبل الدابة ، لا على أن الدار مالكة للباب المضاف إليها ، ولا على أن الدابة مالكة للحبل المضاف إليها . 
 551  - وقد حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا  أخبره ، عن  نافع ،  عن  ابن عمر ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع " .  
 552  - حدثنا  المزني ،  قال : حدثنا  الشافعي ،  عن سفيان ،  عن  الزهري ،  عن سالم ،  عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع " .  
فلم يكن ما أضافه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الثمر إلى النخل بقوله : " فثمرتها للبائع " على أن النخل لا تملك شيئا ، ولكن على الإضافة التي لا حقيقة ملك معها . وقد جاء كتاب الله - عز وجل - بمثل هذا المعنى ، وهو قوله - عز وجل - : ( وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت   ) . 
ولما كان المولى له أخذ ما في يد عبده لأنه مالكه دون عبده ، استحال أن يكون أخذه  [ ص: 279 ] إياه من بلا حق ، كان لعبده فيه ، ولو كان لعبده فيه حق كان له أن يمنعه منه بحقه فيه ، ولأنه قد يبين بحقوقه عنه . 
ألا ترى أنه لو أراد أن يحول بين عبده وبين أزواجه لم يكن له ذلك ؛ لأن النكاح حق لعبده قد بان به منه ، فعقلنا بذلك أن العبد إذا بان بشيء عن مولاه حتى يصير  مالكا  له كان في ملكه إياه كالحر في ملكه لمثله ، وكان له أن يمنع مولاه مما هو له دونه ، كما يمنع الأحرار بعضهم بعضا مما يملكون . 
				
						
						
