وأما ما كان منها من الإبل فلا شيء فيه حتى تكون خمسا ، فإذا كانت خمسا وحال عليها الحول ففيها شاة ، ثم كذلك فوق الخمس حتى تكون عشرا ، فإذا كانت عشرا ففيها شاتان ، ثم كذلك فيما فوق العشر حتى تكون خمس عشرة ، فإذا كانت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه ، ثم كذلك حتى تكون عشرين ، فإذا كانت عشرين ففيها أربع شياه ، ثم كذلك فيما فوق العشرين حتى تكون خمسا وعشرين ، فإذا كانت كذلك ففيها ابنة مخاض .
فهذا ما لا نعلم فيه اختلافا بين أهل العلم جميعا إلا شيء يروى فيه عن يخالف ذلك في الخمس والعشرين خاصة ، وهو أنه روي عنه ، أنه قال : في خمس وعشرين خمس شياه ، فإذا كانت ستا وعشرين ففيها ابنة مخاض . علي بن أبي طالب
598 - حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عاصم بن ضمرة ، عن علي رضي الله عنه [ ص: 297 ] .
وهذا قول قد دفعته الآثار المروية في خلافه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن وعن أبي بكر ، في كتب صدقاتهم لولاتهم عليها ، فمن ذلك ما : عمر
599 - حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، ثمامة بن عبد الله بن أنس ، أن أنس ، لما استخلف وجه أبا بكر الصديق إلى أنس بن مالك البحرين وكتب له هذا الكتاب : " هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين ، التي أمر الله - عز وجل - بها رسوله ، فمن سئلها من المؤمنين على وجهها فليعطها ، ومن سئل فوقها فلا يعطها ، وفي أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم في كل خمس شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها ابنة مخاض أنثى ، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون " . عن
600 - وما قد حدثنا قال : حدثنا الربيع المرادي ، أسد ، قال : قال : " أخذت من حماد بن سلمة ، كتابا زعم أن ثمامة بن عبد الله بن أنس كتبه أبا بكر الصديق لأنس حين بعثه مصدقا ، وعليه خاتم رضي الله عنه - ، وخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكتبه لي ، فإذا فيه فريضة الصدقة التي فرضها الله - عز وجل - على المسلمين التي أمر الله - عز وجل - بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ، ومن سئل فوقها فلا يعطها : فيما دون خمس وعشرين من الإبل الغنم في كل خمس ذود شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر " . أبي بكر - حدثنا
601 - وما قد حدثنا بكار ، قال : حدثنا قال : أبو عمرو ، حماد ، قال : أرسلني إلى ثابت البناني ليبعث إليه بكتاب ثمامة بن عبد الله بن أنس الذي كتبه أبي بكر لأنس حين بعثه مصدقا .
قال حماد : فدفعه إلي ، فإذا فيه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا فيه ذكر فرائض الصدقات التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين التي أمر الله - عز وجل - بها نبيه ، فمن سئلها من المؤمنين ، حدثنا ثم ذكر مثل حديث الربيع سواء [ ص: 298 ] .
602 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا قال : أخبرنا ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عمارة بن غزية ، عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، أخبره أن هذا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم ، فريضة الإبل ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة ، فإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى تسع ، فإذا بلغت عشرا ففيها شاتان إلى أربع عشرة ، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة ، فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين ، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها ابنة مخاض ، فإن لم توجد ابنة مخاض فابن لبون ذكر " . عن
603 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا قال أخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، قال : هذه نسخة ابن شهاب ، وهي عند كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب في الصدقة ، آل عمر بن الخطاب : أقرأنيها سالم ، ابنا وعبد الله فوعيتها على وجهها ، هي التي نسخ عبد الله بن عمر ، من عمر بن عبد العزيز سالم ، ابني وعبد الله حتى أمر على ابن عمر ، المدينة وأمر عماله بالعمل بها ، ثم ذكر مثله .
604 - حدثنا فهد بن سليمان بن يحيى ، قال حدثنا قال : حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، عبد السلام بن حارث ، عن يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني ، عن إبراهيم الصايغ ، عن نافع ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر " . ابن عمر ، عن
605 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، عن ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، ابن عمر ، رضي الله عنه - كان يأخذ صدقات الإبل عمر بن الخطاب - على هذا الكتاب ، فذكر مثله . أن
606 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، عن ابن المبارك ، معمر ، عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب لعمرو بن حزم : " في خمس من الإبل شاة ، وفي عشر شاتان ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، فإذا كانت خمسا وعشرين [ ص: 299 ] ففيها ابنة مخاض ، فإن لم تكن في الإبل ابنة مخاض ، فابن لبون ذكر " . عن
607 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، حبيب بن أبي حبيب ، قال : حدثنا عمرو بن حزم ، قال : محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : لما استخلف أرسل إلى عمر بن عبد العزيز المدينة يلتمس كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات ، وكتاب فوجد عند عمر بن الخطاب ، آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمرو بن حزم في الصدقات ، ووجد عند آل عمر كتاب في الصدقات مثل كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسخا ، فحدثني عمر عمرو أنه طلب إلى أن ينسخه ما في ذينك الكتابين ، فنسخ له ما في هذا الكتاب ، فكان مما فيه أن الإبل ليس فيها شيء ، حتى تبلغ خمسا ، فإذا بلغت خمسا ففيها شاة حتى تبلغ تسعا ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ أربع عشرة ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ تسع عشرة ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه إلى أن تبلغ أربعا وعشرين ، فإذا صارت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض ، فإن لم توجد في الإبل ابنة مخاض فابن لبون ذكر . محمد بن عبد الرحمن حدثنا
فكانت هذه الآثار دافعة لما روي عن علي - رضي الله عنه - في الخمس والعشرين أن فيها خمس شياه ، مع أن قد روي عنه إنكاره لذلك أن يكون صحيحا عن سفيان الثوري علي ، وقال : علي كرم الله وجهه أعلم من أن يقول هذا .
ثم النظر أيضا بعد ذلك يدفع هذا الذي رويناه عن علي ، ويشهد لما رويناه فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر ، وعمر ، وذلك أنا رأينا حكم الإبل من الواحدة إلى الخمس والعشرين ، كلما وجبت فيه منها فرض معلوم فلا شيء بعده غير ذلك الفرض بعينه حتى يزيد عددا معلوما ، ثم كذلك فما بعد الست والعشرين لا شيء فيه حتى يكون بينه وبين الفرض الذي بعده عدد معلوم لا يوجب فرضا مستحدثا ، فكان القياس على ذلك أن يكون كذلك حكم الخمس والعشرين ، فإذا وجب فيها فرض معلوم أن لا يكون فيما زاد عليها شيء حتى تبلغ مقدارا له عدد معلوم [ ص: 300 ] .
وقد ذكرنا فيما رويناه من هذه الآثار ، " فإن لم تكن في الإبل بنت مخاض فابن لبون ذكر " ، وهذا موضع يختلف أهل العلم فيه ، فقائلون منهم يقولون : هذا الواجب في الخمس والعشرين من الإبل إذا لم توجد فيها ابنة مخاض . وممن قال بذلك منهم : مالك ، والشافعي .
وقائلون منهم يقولون : لا يجب فيها ابن لبون ذكر ، وإنما تجب فيها ابنة مخاض إن كانت موجودة فيها ، أو جاء بها صاحب الإبل مما سواها ، أو قيمتها دراهم أو دنانير ، وهكذا كان أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد رحمهم الله يقولون في هذا .
والآثار كلها فعلى القول الأول الذي روينا عن مالك ، إلا حديث والشافعي الذي رويناه في هذا الباب عن محمد بن عبد الله فإن هذا الحرف ليس فيه ، ولكنه في حديث إبراهيم بن مرزوق ، الذي حكاه عن حماد بن سلمة ثمامة وليس كذلك عنه به ، وحديث محمد ، عن أبيه ، عن ثمامة سماعا .
والنظر ما ذهب إليه أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، في ذلك ، وذلك أن جميع الفرائض في الصدقات في الإبل ليس فيها ذكر المذكور في شيء منها ، إنما فيها بنات مخاض ، وبنات لبون ، وحقاق ، وجدعات ، وشياه ، ونهى عن أخذ تيس الغنم ، فكان القياس على ذلك ألا يدخل فيها الذكران من بني اللبون . ومحمد بن الحسن ،
والآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه أولى من النظر ، غير أن هذه الآثار عندنا لم تتصل بأبي حنيفة ، وزفر ، وأبي يوسف ، ومحمد ، ولو اتصلت بهم عندنا لقالوا بها ، لأنه ليس لأحد الخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .