قال أحمد : فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر بالتمر ، ولم يستثن بذلك شيئا غير العرايا ، فاحتمل أن يكون ذلك ناسخا لما كان من ابن رواحة في خرصه ، واحتمل أن يكون نهى عن بيع الرطب بالتمر هو الذي نسخه .
فأما ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما :
741 - حدثنا أن ابن وهب ، أخبره ، عن مالكا عبيد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان ، أن زيدا أبا عياش أخبره ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن بيع الرطب بالتمر ، فقال : " أينقص الرطب إذا جف ؟ فقالوا : نعم فقال : فلا إذا " . سعد بن أبي وقاص ، عن
وقد روي عن في خرص الشعبي أنه منسوخ ، وأن العمل به محظور . ابن رواحة
742 - حدثنا يحيى ، قال : حدثنا نعيم ، قال : أخبرنا قال : حدثنا ابن المبارك ، سفيان ، عن الشيباني ، عن أنه ذكر خرص الشعبي ، فقال ابن رواحة ، " أما اليوم فلا يكون الخرص " . الشعبي :
وقال أحمد : يعني ذلك خرصه على أهل ابن رواحة خيبر وضمنهم به حصة المسلمين من ثمارها نحو المعاملة التي كانت بينهم وبين المسلمين فيها . الخرص الذي كان
وهذا الذي ذكرناه من الواجب فيما أخرجت الأرض من العشر ، أو نصف العشر ، فقد [ ص: 356 ] اجتمع أهل العلم جميعا أنه كذلك فيما أخرجته الأرض الحرة .
فأما ما أخرجته الأرض الخراجية من ذلك فإنهم يختلفون فيه ، فطائفة منهم تقول : لا صدقة فيه ، وممن قال ذلك : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد .
وطائفة منهم تقول : فيه الصدقة كما تكون فيه لو كان في الأرض الحرة ، وممن قال ذلك : مالك ، والشافعي .
ولما اختلفوا في ذلك ، وكان الخراج حقا لله - عز وجل - ، والعشر حق له ، وكان الواجب لله - عز وجل - فيما يسقى بالسماء ، وفيما يسقى فيحا العشر كاملا ، وفيما يسقى بالعروب والدوالي نصف العشر ، فكان ما يسقى بالعروب والدوالي لما كانت على أصحابه فيه المؤنة خفف ما يجب عليهم فيه من الصدقة ، فجعل دون ما يجب فيه ، لو كان لا مؤنة عليهم فيه لسقي السماء إياه ، وبلوغ الماء إياه بفيحه على وجه الأرض ، فكان القياس على ذلك أن يكون ما لا يجب على أهله فيه الخراج أخف مما يجب عليهم فيه الخراج ، ولا قول في ذلك إلا القولين اللذين ذكرنا ، فإذا وجب أن لا يكون الواجب فيما عظمت فيه المؤنة كالواجب فيما لا مؤنة فيه وجب سقوط العشر كله عند وجوب الخراج ، كما قال الذين ذهبوا إلى ذلك .
وقد رأينا حقوق الله التي تجب له فيها الأموال ، لا يجتمع في مال واحد منها حقان ، من ذلك أنا رأينا المواشي السوائم فيها صدقات السوائم على ما ذكرنا ذلك في موضعه ، ورأينا الماشية إذا ابتاعها رجل يريد بها التجارة ، ثم أسامها بعد ذلك خرجت بذلك من حكم السائمة ، فتجب الزكاة فيها بالسنين جميعا ، بل جعل وجود أحد السنين ينفي وجوب السنة الأخرى ، فكان القياس على ذلك أن يكون كذلك الخراج إذا وجب لله - عز وجل - في الأرض ينفي وجوب العشر عليها ، فهذا هو القياس عندنا في هذا والله أعلم .