وكان من حجة من أباحهم ذلك ما روي في عمل - رضي الله عنه - على الصدقة علي بن أبي طالب باليمن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمما روي في ذلك ما :
800 - حدثنا قال : حدثنا أبو أمية ، عن روح بن عبادة ، قال : ابن جريج ، قال : سمعت عطاء ، في أناس معي ، قال : قدم جابر بن عبد الله علي من سعايته ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " بم أهللت يا علي ؟ " قال : بما أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - به ، قال : " فأهل وامكث حراما كما أنت " . أخبرني
801 - حدثنا قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي ، قال : حدثنا أبو كريب ، عن حاتم بن إسماعيل ، سعد بن إسحاق ، قال : أخبرتني أن زينب امرأة أبي سعيد أخبرها ، أنه كان في الرهط الذين خرجوا مع أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - مصدقا علي بن أبي طالب باليمن ، فسرنا معه ، فأطلنا السير حتى كل ظهرنا الذي خرجنا عليه من المدينة ، ورق ، فسألناه أن نحم أباعرنا ، ونركب في إبل الصدقة حتى تحم أباعرنا ، فأبى ذلك علينا أشد الإباء رحمه الله ورضي عنه ، وقال : " إنما لكم سهم كسهام المسلمين " .
قالوا : ففي حديثي جابر ، وأبي سعيد ، علي - رضي الله عنه - على الصدقة باليمن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمله ذلك فإنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بتوليته إياه عليه ، فاستدلوا بذلك في ما ذكروا على ما قالوا مما قد حكينا عنهم . عمل
ولما اختلفوا في ذلك نظرنا في الأولى مما قالوه في ذلك ما هو ؟ فوجدنا الولاية على الصدقات لم يكرهها من كرهها لذاتها ، وكيف تجوز كراهتها لذلك وقد تولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما أنزل الله - عز وجل - فيها : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ) أي : عند إتيانهم إياه بها ، ( إن صلاتك سكن لهم ) ، وأتاه بصدقة ابنه ، فقال : ابن أبي أوفى آل أبي أوفى " ، وقد ذكرنا ذلك بإسناده في كتاب الصلاة من كتبنا هذه ، ولم يكن ذلك أن العمل المكروه على الصدقة لمن مكانه من " اللهم صل على هاشم ، المكان الذي ذكرنا ، إنما هو العمل المطلوب به العمالة منها .
فأما العمل الذي لا عمالة معه مطلوبة فيه ، فليس بمكروه ، ولما كان كذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 384 ] كان لمن سواه من خلفائه ، ومن ولاته كذلك ، فوجب بما ذكرنا تصحيح هذه الآثار ، وصرف عمل علي عليها إلى أنه عمل لا عمالة فيه مطلوبة به منه ، وأنه كعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عليها ، وهو أخذها ممن هي عليه ، ووضعها فيمن هي له ، لا بشيء يأخذه منها عمالة لها ، فثبت بذلك إباحة ذي المكان الذي ذكرنا من هاشم ، العمل عليها بلا جعالة منها وحرمة الجعالة منها للمكان الذي ذكرنا من هاشم ، حتى تصح تلك الآثار التي رويناها فيها ، ولا يضاد بعضها بعضا .