وقد روي عن في اعتكاف رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبي سعيد الخدري
1104 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا قال : حدثني ابن وهب ، عن مالك ، يزيد بن عبد الله الهاد ، عن عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، أبي سلمة ، أنه قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأوسط من رمضان " . أبي سعيد الخدري ،
فاعتكف عاما حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين ، وهي الليلة التي كان يخرج فيها من اعتكافه صلى الله عليه وسلم ، قال : " من اعتكف فليعتكف العشر الأواخر ، وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها ، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين ، فالتمسوها في العشر الأواخر ، والتمسوها في كل وتر " . عن
ففي هذا الحديث أن دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاعتكافه العشر الأواخر كان في الليلة التي قبل اليوم الأول من العشر الأواخر ، بل غابت الشمس من اليوم العشرين وهو في معتكفه [ ص: 483 ] .
فقد دل ذلك أن من أراد الاعتكاف العشر الأول من شهر رمضان أنه يعتكف لياليها وأيامها غير أن قد روى هذا الحديث عن الشافعي فخالف مالك ، في حرف منه ، وذلك أن ابن وهب إسماعيل المزني :
1105 - حدثنا ، قال : حدثنا قال : حدثنا الشافعي ، عن مالك ، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، أبي سلمة ، أنه قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأوسط من رمضان ، فاعتكف عاما حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين ، وهي الليلة التي كان يخرج في صبيحتها من اعتكافه " ، أبي سعيد ، عن ثم ذكر بقية الحديث .
فأما قوله : فهو على أنه " حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي كان يخرج في صبيحتها من اعتكافه " ، كان - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج من اعتكافه العشر الأوسط حتى تمضي ليلة إحدى وعشرين وليست من العشر الأوسط .
وقد خالفه في ذلك فيما رويناه عنه عن ابن وهب فهو عندنا على ما روى مالك ، لأن ابن وهب ، الليث جميعا قد رويا هذا الحديث عن والدراوردي كما رواه ابن الهاد عن ابن وهب ، لا كما رواه مالك ، عنه . الشافعي
1106 - حدثنا فهد بن سليمان ، ومحمد بن خزيمة ، قالا : حدثنا قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، عن ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، أبي سلمة ، أنه قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في رمضان العشر التي في وسط الشهر ، فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة يمضي ويستقبل إحدى وعشرين ، رجع إلى مسكنه ، ويرجع من جاور معه ، ثم إنه أقام في شهر جاور فيه تلك الليلة التي كان يرجع فيها ، فخطب الناس ، وأمرهم بما شاء الله - عز وجل - ، ثم قال : " إني كنت أجاور هذا العشر ، ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر ، فمن كان اعتكف معي فليمكث في معتكفه . أبي سعيد ، عن
1107 - " حدثنا قال : حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، عن عبد العزيز بن محمد ، ثم ذكر بإسناده مثله سواء حرفا حرفا . ابن الهاد ،
فكان هذا الحديث موافقا لما روى عن ابن وهب ، ومخالفا لما رواه مالك ، عن الشافعي ، [ ص: 484 ] . مالك
وفي هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام في معتكفه ليلة إحدى وعشرين لما أراد اعتكاف العشر الأواخر .
فدل ذلك على أن كذلك سنته - صلى الله عليه وسلم - فيمن أراد اعتكاف أيام ، أن عليه اعتكاف لياليها معها ، وأنه يبتدئ في دخوله في معتكفه قبل غروب الشمس من اليوم الذي قبلها ، فلا يزال فيه حتى تمضي الأيام التي أوجب على نفسه اعتكافها وحتى تمضي لياليها .
فقد اختلف أهل العلم في مثل هذا في رجل قال : لله - عز وجل - علي اعتكاف عشرة أيام .
فكان بعضهم يقول : يدخل المسجد عند غروب الشمس من اليوم الذي قبلها ، فيقيم فيه معتكفا إلى انقضاء تلك العشرة الأيام ، فيكون قد اعتكف عشرة أيام وعشر ليال وممن قال ذلك منهم : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد فيما حدثنا عن محمد بن علي ، محمد ، عن أبي حنيفة ، وعن وأبي يوسف ، علي ، عن محمد .
وقال بعضهم : يدخل المسجد الذي يعتكف فيه عند طلوع الفجر من اليوم الأول من تلك العشرة الأيام فيقيم فيه حتى تنقضي تلك العشرة الأيام ، فيكون قد اعتكف عشرة أيام وتسع ليال ، وممن قال ذلك فيما حدثنا زفر بن الهذيل ، محمد ، عن يحيى ، عن عن الحسن ، . زفر
قال أحمد : وكان ما ذهب إليه أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد في ذلك أحب إلينا ، لأنه موافق لما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما قد ذكرناه في هذا الباب ، ولأنه قد دلنا عليه كتاب الله عز وجل في الحكاية عن نبيه زكريا عليه السلام ، إذ قال : ( رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ) .
وقال في موضع آخر : ( ثلاث ليال سويا ) .
فعقلنا بذلك أن زكريا سأل ربه أن يجعل له آية فجعل له آية واحدة كما سأله ، ثم ذكرها لنا في كتابه في موضع بالأيام ، وفي موضع آخر بالليالي ، وسوى بين عدد الأيام وعدد الليالي .
فعقلنا بذلك أنه إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مأمورا بالأيام ، فقد دخلت فيها الليالي ، وإن كان مأمورا بالليالي فقد دخلت فيها الأيام ، ولما استوى عدد الأيام [ ص: 485 ] وعدد الليالي في ذلك وجب أن يكون من أوجب على نفسه اعتكاف أيام ، كان عليه معها من الليالي مثل عددها ، وإن أوجب على نفسه اعتكاف ليال ، كان عليه معها من الأيام مثل عددها ، فثبت بذلك ما قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد مما ذكرنا عنهم في هذا المعنى .
تم كتاب الصيام ، والاعتكاف ، من كتاب أحكام القرآن العظيم ، ولله الحمد والمنة وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
فرغ من نسخه أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته محمد بن أحمد بن صفي الغزولي ، عفا الله عنه ، في مستهل شعبان الكرم سنة 757 هـ .