وقد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار نحن ذاكروها فيما بقي إن شاء الله ، فمنها ما :
2069 - حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال حدثنا سليمان بن حرب [ ص: 472 ] الواسحي ، قال حدثنا قال : حدثني مبارك بن فضالة ، ، عن أبي ، قال : وقال عبيد الله ميمون ، عن عمي ، قال : وحدثتني أمي ، وأهلي ، كاتبني ، قال اعرض قال : قلت : مائة أوقية قال : فما استزادني ، فأراد شيئا يعطينيه فلم يجد ، فأرسل إلى لعمر بن الخطاب : : إني قد كاتبت غلامي ، وإني أريد أعطيه شيئا ، فابعثي إلى بدراهم ، فأرسلت إليه بمائتي درهم ، فقال : خذها ، بارك الله لك فيها . حفصة
قال : فبارك الله لي فيها ، قد أعتقت غير واحد منها قال : فاستأذنته فقلت : يا أمير المؤمنين ، إني أريد أن تأذن لي أن آتي العراق ؟ قال : أنا قد كاتبتك ، فاذهب حيث شئت .
قال : فأراد موالي لبني غفار أن يصحبوني ، فقالوا : كلم أمير المؤمنين أن يكتب لنا كتابا نكرم به قال : وعلمت أنه سيكره ذلك ، فكلمته فانتهرني ، وما انتهرني قبلها ، فقال : أتريد أن تظلم الناس أنت أسوة المسلمين ؟ قال : فخرجنا ، فلما قدمنا جئت معي بنمط وطنفسة ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، هذان هدية لك قال : فنظر إليهما فأعجباه ، ثم ردهما علي ، وقال : إنه قد بقيت بقية من مكاتبتك ، فاستعن بهما في مكاتبتك . أن جدي ، قال
ففي هذا أن رضي الله عنه لم يضع عنه من مكاتبته التي كاتبه عليها شيئا ، وإنما أعانه بشيء من غير المكاتبة ، ففي ذلك ما دل أن تأويل قوله : ( عمر وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) كان عنده على الندب والحض ، لا على الوجوب .
2070 - حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق عن سعيد بن عامر ، عن جويرية بن أسماء ، مسلم بن أبي مريم ، عن عبد لعثمان ، قال : بعثني عثمان أمير المؤمنين في تجارة ، فقدمت عليه فأحمد ولايتي ، فقمت إليه ذات يوم ، فقلت : إني أريد الكتابة ، فقطب ، ثم قال : نعم ، ولولا آية في كتاب الله عز وجل ما فعلت ، أكاتبك على مائة ألف ، على أن تعدها لي في عدتين ، والله لا أغضك منها درهما .
[ ص: 473 ] قال : فخرجت من عنده ، فتلقاني فقال : ما الذي أرى بك ؟ قلت : الزبير بن العوام ، كان أمير المؤمنين بعثني في تجارة ، فقدمت عليه ، فأحمد ولايتي ، فقمت إليه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، أسألك الكتابة قال : فقطب ثم قال : لولا آية في كتاب الله ما فعلت ، أكاتبك على مائة ألف على أن تعدها لي في عدتين ، والله لا أغضك منها درهما .
قال : ارجع قال : فدخل عليه ، فقام قائما ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فلان كاتبته ؟ قال : فقطب ، ثم قال : نعم ، ولولا أنه في كتاب الله ما فعلت ، أكاتبه على مائة ألف على أن يعدها لي في عدتين ، والله لا أغضه منها درهما .
قال : فغضب الزبير ، وقال : والله لأمثلن بين يديك قائما أطلب إليك حاجة تحول دونها بيمين ، وقال بيده هكذا : كاتبه .
قال : فكاتبته ، وانطلق بي الزبير إلى أهله ، فأعطاني مائة ألف ، وقال : انطلق فاطلب فيها من فضل الله ، فإن غلبك أمر فأد إلى عثمان ماله منها .
قال : فانطلقت ، فطلبت فيها من فضل الله ، فأديت إلى عثمان ماله ، وإلى الزبير ماله ، وفضلت في يدي ثمانون ألفا .
ففي هذا دليل أن عثمان قال : أكاتبه على مائة ألف على أن تعدها لي في عدتين ، والله لا أعضه منها درهما ، فدل ذلك على أن معنى قول الله عز وجل : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) عند عثمان على الندب ، لا على الحتم وقد وقف الزبير من عثمان على ما كان منه ، وخاطبه عثمان به فلم ينكره عليه ، فدل ذلك على متابعته إياه عليه ، وعلى أن مذهبه كان في تأويل هذه الآية التي تلونا كمذهب عثمان رضي الله عنهما فيه .
وهذا من عثمان والزبير رضي الله عنهما وكان مثله من رضي الله عنه بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سواهم ، فلم ينكر ذلك منكر ، ولم يخالفهم في ذلك مخالف فدل ذلك على اتفاقهم جميعا عليه ، وعلى استواء مذهبهم رضوان الله عليهم . عمر
[ ص: 474 ] 2071 - حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو حذيفة سفيان ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، قال : فكاتب غلاما له على أربعة آلاف درهم ، وشرط عليه إن عجز رد في الرق ، وما أخذت منك فهو لي ، فوضع عنه ألف درهم من الأربعة آلاف ثم قال : سمعت خليلك أبا عبد الرحمن السلمي ، رضي الله عنه ، يقول : ( عليا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) هو الربع . شهدت
ولم يكن عندنا في هذا حجة لواحد من الفريقين اللذين ذكرنا على الفريق الآخر منهما ، لأنه يحتمل أن يكون علي تأول قوله عز وجل : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) على الندب والحض ، لا على وجوب ذلك والحتم ، فرأى أن يوضع بذلك عن المكاتب ربع الكتابة من غير إجبار يلزم مولاه في ذلك ، ولا إيجاب عليه كما أمرنا بالإطعام من الأضحية ، ووقت في ذلك الثلث منها ، ولم يكن ذلك على الوجوب عنده ، ولا على التوقيت الذي لا يجزئ دونه وقد يجوز أن يكون ما روينا عن ابن مسعود علي من هذا على الوجوب ، وعلى التوقيت الذي لا يجزئ دونه .