ولما كان حديث علي هذا محتملا لما ذكرنا لم تكن فيه حجة لواحد من هذين القولين على القول الآخر .
ومنها ما :
2072 - حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي ، قال حدثنا عن علي بن الحسن بن شقيق ، الحسن بن واقد ، عن قال : سمعت أبي ، يقول في عبد الله بن بريدة ، وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) قال : حث الناس على ذلك . قول الله عز وجل (
[ ص: 475 ] ففي هذا التأويل ما دل على أنه لم يقصد عز وجل بقوله : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) إلى الموالي المكاتبين خاصة دون من سواهم من الناس ، وأنه إنما قصد إلى الناس جميعا ، فحضهم على الخير وعلى معاونة المكاتبين على مكاتباتهم لكي يعتقوا وقد كان إبراهيم يذهب في تأويل هذه الآية إلى هذا المعنى كما :
2073 - حدثنا ابن أبي مريم ، قال حدثنا ، قال حدثنا الفريابي سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) ، قال : هي شيء حث الناس عليه . (
قيل لسفيان : المولى وغيره ؟ قال : نعم .
والنظر من بعد هذا يدل على أنه لا واجب على المولى لمكاتبه إسقاط شيء مما كاتبه عليه ، ولا تمليكه شيئا من ماله سواه ، وذلك إنا رأينا المكاتبة لا تجوز إلا على مقدار من المال معلوم ، وكان الرجل إذا كاتب عبده على مال غير معلوم فسخت المكاتبة وأمرا بتركها ، ولم يخل بينهما وبين المضي عليها ، وكان إذا كاتب عبده على مال معلوم جازت المكاتبة بينهما ، وأمرا بإمضائها عليهما ، ووجب على جميع المسلمين إعانة المكاتب حتى يخرج من مكاتبته إلى الحرية ولو كانت المكاتبة إذا عقدت على مال معلوم وجب للمكاتب بعض ذلك المال على مولاه الذي كاتبه عليه ، كان ما وجب للمكاتب على المولى منه ساقطا من المكاتبة ، فكان كما لم يسم فيها ، وكما لم يعقد عليه ، لأنه لما كان جميع المكاتبة للمولى على المكاتب وطائفة مثل بعض تلك المكاتبة للمكاتب على المولى ، كانت تلك الطائفة ساقطة عن المكاتب غير واجبة عليه ، وكان الواجب بعقد المكاتبة للمولى على المكاتب هو الباقي بعدها ، والباقي بعدها مجهول ، لأن الحطيطة لما كانت لا مقدار لها معلوم في قول من يوجبها ، كان الباقي بعدها من المكاتبة المعلومة مجهولا ففي تثبيتهم عقد المكاتبة على المقدار المعلوم دليل على أن الواجب فيها هو جميع ما عقدت عليه ، لا حطيطة على المولى في ذلك كما قال القائلون ممن ذكرنا من أهل العلم في هذا الباب .
[ ص: 476 ] وأما ما ذكرنا عن علي من التوقيت في ذلك ربع المكاتبة ، فلم نقف على أن مذهبه كان في ذلك على الحتم والوجوب ، فنجعله حجة في توقيت هذا المقدار من المكاتبة وكان ذلك منه قد يحتمل أن يكون كان منه على الحض والندب .