137  - حدثنا عمران بن موسى ،  أو غيره قال : " أهدر المهدي  دم رجل من أهل الكوفة  كان يسعى في فساد الدولة ، وبذل لمن دل عليه مائة ألف درهم ، فاستخفى الرجل حينا ، ثم خرج إلى مدينة السلام ،  فكان كالمستخفي ، فإنه لفي بعض طرقات المدينة ، إذ بصر به رجل قد كان عرف حاله ، فأهوى إلى مجامع ثوبه ، وصاح : هذا فلان ، طلبة أمير المؤمنين فبينما الرجل على تلك الحال ، إذ سمع وقع حوافر الدواب ، فالتفت ، فإذا هو بموكب كثير الغاشية ، فقال : من هذا ؟ فقالوا : معن بن زائدة  قال : وما يكنى ؟ قالوا : يكنى بأبي الوليد  فلما حاذاه قال : يا  أبا الوليد ،  خائف فأجره ، وميت فأحيه فوقف  معن  في موكبه ، وسأل عن حاله ، فقال صاحبه : هذا طلبه أمير المؤمنين ، قد جعل لمن جاء به مائة ألف درهم قال : فأعلم أمير المؤمنين أني قد أجرته وقال لبعض غلمانه : انزل عن دابتك ، وأركب أخانا فركب ، وانطلق به إلى منزله ، ومضى الرجل إلى باب المهدي ،  فإذا سلام الأبرش  يريد الدخول إليه ، فقص عليه القصة ، فدخل سلام  على المهدي ،  فأخبره ، فقال : يحضره  معن  فجاءته الرسل ، فركب ، وأوصى به حاشيته ومن ببابه من مواليه ، وقال : لا يخلص إليه وفيكم عين تطرف ، فإن رامه أحد فموتوا دونه ودخل  معن  على المهدي ،  فسلم ، فلم يرد عليه ، وقال : يا  معن ،  وتجير علي أيضا ؟ قال : نعم قال : ونعم أيضا ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قتلت في طاعتكم وعن دولتكم أربعة آلاف مصل في يوم واحد ، ولا يجار لي رجل واحد استجار بي ؟ فأطرق المهدي  طويلا ، ثم رفع رأسه ، وقال : قد أجرنا من أجرت قال : يا أمير المؤمنين ، إن الرجل ضعيف الحال قال :  [ ص: 61 ] قد أمرنا له بثلاثين ألف درهم قال : إن جنايته عظيمة ، وصلات الخلفاء على حسب جنايات الرعية قال : قد أمرنا له بمائة ألف درهم قال : أهنأ المعروف أعجله قال : يتقدمه ما أمرنا له به فانصرف  معن ،  وقد سبقه المال ، فأحضر الرجل ، وقال له : ادع لأمير المؤمنين ؛ فقد حقن دمك ، وأجزل صلتك ، وأصلح نيتك فيما يستقبل   " . 
				
						
						
